منوعات

قصة بقلم Muhammed Sayed

 

بصيت  للورقة وانا حاسس بتنميل في إيدي.

الجملة كانت بخط إيدي، مستحيل اشك في كده، بس انا عمري ما كتبها… مستحيل يكون كتبها!

 

رفعت عيني لأدهم، اللي كان لسه مبتسم نفس الابتسامة الغريبة دي، مش تهديد مباشر… لكن ابتسامة حد عارف حاجة مخيفة، وهو مستمتع بمراقبة رد فعلك.

 

“أدهم… الورقة دي… جبتها منين؟”

 

“قلت لك، لقيتها في جيبي النهاردة الصبح ”

 

حاولت اهدى نفسي، يمكن الولد بيعمل خدعة نفسية؟ يمكن عنده اضطراب وهمي؟ لكن… الورقة بخط إيدي… والتاريخ المكتوب عليها هو تاريخ النهاردة.. حولت اتماسك واتكلم بحزم

 

“إيه اللي مخليك متأكد إنها ورقة مهمة؟ وبعدين … وبعدين… ممكن يكون مجرد حلم متكرر، مش معنى كده إنه حقيقي.”

 

أدهم مال برأسه شوية كأنه بيتفرج عليه، وبعدين قال بهدوء:

 

“أنا مش الوحيد اللي بيحلم بيك يا دكتور سامر وبعدين انت بتشكك في خط ايدك.”

 

عضلات فكي اتشدت، قلبي ضرب بقوة وهو بيحاول يسيطر على تعابيره:

 

“مين كمان؟”

 

أدهم بص للباب المغلق، وبعدين رجع نظره  ليا وقال همسًا:

 

“كلهم.”

 

حسيت برعشة بتمر في ضهري مش عارف للمرة الكام، مسحت علي وشي وحاول يحافظ على منطقه:

 

“كلهم مين يا أدهم؟”

 

“الناس اللي مش هنا ، الناس ال انت خفيتهم …”

 

فقدت أعصابي أخيرًا، ضربت إيدي  على المكتب انا  بحاول اكتم خوفي:

 

“كفاية ألغاز! اتكلم بوضوح!”..

رد عليا بهدوء

“الناس اللي مش هنا، الناس اللي انت خفيتهم…”

 

قلبي ضرب بسرعة، لكن حاولت أتماسك. ضغطت بإيدي على المكتب، كأن لمسي للخشب ممكن يثبت إني لسه هنا، في الواقع، وإن اللي بيحصل ده مجرد هلاوس لمريض مضطرب.

 

“أنت بتتكلم عن إيه؟” صوتي طلع أهدى بكتير من اللي حاسه جوايا.

 

أدهم كان لسه مبتسم… نفس الابتسامة الغريبة اللي مفيهاش مشاعر حقيقية، زي ما يكون حافظ اللي هيحصل بعد كده. ميل راسه شوية، وقال بصوت هادي جدًا:

 

“أنا بسألك… في كام واحد دخل المكتب ده، قعد على الكرسي ده… بس عمره ما خرج منه؟”

 

اتجمدت… أنا دكتور نفسي، شُفت حالات كتير بتتهيأ لها حاجات، ناس فقدت عقلها بسبب أوهام، لكن… لكن السؤال ده، نبرة صوته، طريقته في الكلام… كل حاجة فيه كانت مش طبيعية.

 

“إنت بتتهمني بحاجة؟” سألت بصوت حاولت أخليه ثابت.

 

“لا، أنا بس بذكّرك… بالحاجات اللي بتحصل بين الجدران دي… الحاجات اللي حتى انت ناسيها.”

 

حسيت بنفسيتي بتتهز، الحروف علقت في حلقي، بس مكنتش عايز أدي له فرصة يحس إن كلامه مأثر فيا. مسحت إيدي على جبهتي، بصيت في الورقة اللي كتبها بخط إيدي، أو اللي مفروض إنها بخط إيدي، وسألت بصوت أهدى:

 

“وإنت عرفت ده منين؟”

 

أدهم مردش على طول. بص ناحيتي، عينه كانت ثابتة تمامًا، زي ما يكون بيقيس ردود فعلي، وبعدها… ابتسم أوسع وقال:

 

“أنا كنت واحد منهم.”

 

 

(في غرفة التحقيق)

 

المحقق عاصم كان متابع كل تفصيلة في وش ليلي، كل رعشة خفيفة في إيديها، كل مرة عنيها تهرب من عينه. بعد آخر كلمة قالتها، الجو في الغرفة بقى أتقل.

 

“دكتور عمر، بتقول إنه كان بيشوف سامر كل جمعة؟”

 

ليلي هزت راسها ببطء، كأنها خايفة تتكلم أكتر، أو كأن الكلام لو اتقال بصوت عالي هيبقى حقيقة مش مجرد ذكريات.

 

“طيب، وإيه اللي عرفه عن أدهم؟”

 

سؤال عاصم طلع بحدة، كأنه كان متوقع الإجابة، لكن محتاج يسمعها منها. ليلي اتنهدت بارتباك، حركت إيديها كأنها بتحاول تشرح حاجة أكبر من الكلام:

 

“أنا… أنا معرفش، بس عمر كان الوحيد اللي سامر بيحكي له. حتى لما كان بيرجع متغير، شاحب ومرعوب… الوحيد اللي كان بيتكلم معاه هو عمر. بس كل ما أسأله، كان يقولي إنه مجرد مريض…”

 

عاصم كتب حاجة في مفكرته، وبعدها رفع عينه ليها:

 

“بس مفيش سجل لمريض بالاسم ده في عيادته، ولا في أي مستشفى، ولا حتى في أي مكان… يعني أدهم ده كان موجود فين بالظبط؟”

‘ مش عارفة ”

 

(قبل سنة من الحا.دث )

 

حسيت برجلي بتتقل على الأرض، عقلي بيقاوم الفكرة، لكن في نفس الوقت… كان في إحساس عميق جوايا إني سمعت الاسم ده قبل كده. أدهم… كان موجود في حتة تانية غير هنا.

 

“أنت بتقول إنك كنت واحد منهم؟ يعني إيه؟”

 

– هتعرف … هتعرف يادكتور مع الوقت..

 

 

(داخل غرفة التحقيق)

 

ليلي كانت قاعدة قدام المحقق عاصم، صوتها كان مهزوز شوية وهي بتحكي عن سامر، لكنها كانت بتحاول تحافظ على هدوئها. بس واضح إنها مش عارفة تفاصيل كتير، وده كان باين في نظرة المحقق اللي بدأ يفقد صبره.

في الآخر، أخد نفس وقال لها:

“ممكن تفضلي يا مدام ليلي..

 

ليلي بصت له للحظة، وبعدها قامت من غير أي اعتراض،

انت في الصفحة 2 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل