منوعات

وأنا راجع من الشغل من يومين

فتحت بوقي وانا بقولها ” ايه ده آلة زمن ؟! “، قالتلي ” اه حاجة زي كده، ده مش المهم، المهم إنك تركز وتقدر تمنع الحادثة دي الي هيموت فيها الآف من الضحايا الي ملهمش ذنب، وبعدين قالتلي ” اهم حاجة لما ترجع متخليش شخصك التاني يشوفك، ومتسناش تخليني بأي طريقة انزل نفس المحطة الي نزلت فيها شخصيتي التانية عشان اقابل ” مراد ” والأحداث تمشي في مسارها الصحيح” وبعد شرح كتير للفكرة ودوري هنفذه ازاي بالظبط، قامت من مكانها وهى بتديني الساعة وبتقولي ” دوري بينتهي لحد هنا، بتمنالك التوفيق “، طبعا كان كل الي مسيطر عليا إن كل كلامها ده مجرد تخاريف، لكن بمجرد ما مشيت حسيت بهزة جامدة في المكان وساعتها عرفت إن في انفجار حصل في عربية مترو أدت لموت .. ٥ الآف شخص.

تابعت الأخبار واتأكدت إن نفس المترو الي أنا كنت فيه حصل فيه الانفجار، يعني لولا إن أنا نزلت قبلها بكام محطة كان زماني معاهم، ساعتها بس صدقت كلام ” مي “، وقولت مش هخسر أي حاجة لو حاولت، احتجت كام يوم افكر، فضولي خلاني اتفحص الساعة الغربية دي لحد مافهمت كل جزء بتتكون منه، وبعدين جهزت كل حاجة ممكن احتاجها، بصيت للساعة ونفذت الي ” مي ” قالتلي عليه، الموضوع كان بسيط جداً، دخلت أوضتي وقفلت الباب، حددت اليوم بالظبط ع الساعة، والوقت، الي كان قبلها بكام ساعة عشان اخد وقتي، ودوست على الزرار.

حسيت بإحساس غريب جداً، كإن الأحداث كلها بتمر حواليا بالعكس، نهار.. ليل..نهار، كإن الوقت بيرجع لورا، لحد ما نور الشمس الي بقى محتل الأوضة، بصيت ع الساعة الي ع الحيطة والنتيجة، وفعلاً نفس اليوم، وقبل الحادثة بساعات، خرجت من البيت بسهولة لإن مكنش فيه حد، وغالباً محدش هيعرفني من التنكر الي أنا كنت عامله. روحت المترو ركبت لمحطة بعد الي أنا بركب منها وانا جي من الشغل بكذا محطة، وبعدين عديت الناحية التانية، لحد ما جه، ايوه هو نفس المترو الي ركبته يوم الحادثة، نفس الاعلان الموجود عليه، عديت العربيات، ١..٢..٣، تالت عربية، ركبت، وفعلا لقيت ” مي ” قاعدة، شخصية مي الي لسه متعرفنيش ولا تعرف اي حاجة.

فضلت ابص حواليا وعلى المكان الي مي قالتلي عليه، لقيته قاعد في اخر العربية، نفس المكان الي مي وصفتهولي قبل كده، كان قاعد ومعاه شنطة، غالبا الي فيها العبوة، كان شكله راجل عجوز، بس لابس نضارة شمس وجاكت جلد، كان نفس المواصفات. عدت كذا محطة وبعدين لقيته داخل، ايوه ده أنا، وقف عند الباب لإنه ملقاش مكان يقعد، عدت كام محطة لحد ما وصلنا للمحطة الي المفروض مي تدخل فيها، وزي ما قالتلي لازم انزل شخصيتها التانية بأي طريقة، ساعتها قربت من ودنها وهمست ” من الأفضل إنك تنزلي المحطة دي، لإني مش مسؤول عن الي ممكن يحصلك لو فضلتي اكتر من كده “، الظاهر إنها شخصية جبانة لإنها اتوترت جداً ونزلت اول ما الباب فتح، فضلت مراقبها، لحد ما لقيت شخص شكله كبير قرب منها وبدأ يتكلم معاها، مقدرتش اشوفه كويس، بس هو غالباً ” مراد”، بس المشكلة إني اخدت بالي إن شخصي لاحظ وقرب مني وكإنه مضايق، بس مي دخلت، ساعتها الذهول بان على وشه وركز معاها جداً.

مي الي انقذتني في اللحظات الأخيرة جت قعدت جنبي، وشخصي فضل مركز معاها جداً، ومعايا برضو، بس عدت كام محطة ومي قامت، قربت من شخصي، همست في ودنه ونزلت، نزل وراها، بعض محطتين المترو شبه فضي، ساعتها روحت للشخص الي معاه العبوة الناسفة، قعدت جنبه، اول ما قعدت قالي ” قبل ما تعمل أي حاجة شوف دول “، طلع اوراق شبه الجرنار بس كل ورقة ليها شكل مختلف تماما عن التانية، وطريقة الكاتبة مختلفة، كإنها متقدمة اكتر، وفيها اخبار برضو، كل ورقة كان فيها خبر لحادثة مختلفة، مرة انفجار لمصنع كبير ادى لموت ٣٠ الف شخص، انفجار ميدان عام أدى لموت ١٥ الف شخص، حريق هائل زي حريق القاهرة زمان أدى لموت عدد مهوول من الناس غير الي الي اتشردوا من الشغل والي اتصابوا بإعاقات بوظت مستقبلهم، وحوادث كتير زي دي.

بصيت للتواريخ وده الي صدمني، في منها الي بعد ٦ سنين، وفيها الي بعد ١٠ و ٢٠ و..و، قلبي اتقبض، مش فاهم حاجة، ساعتها بدء يتكلم ” لو لاحظت اسماء كل المتسبين في الجرايم دي أسماؤهم مكتوبة، وفي غيرهم لأ، والي كلهم موجودين هنا في المترو ده ..” قاطعته ” ازاي ؟! كلامك منافي للعقل، ليه اصدقك؟! ” قالي ” للأسف مفيش أي حاجة اقدر اثبتلك كلامي بيها” قولتله ” وطبعا عايز تنهي حياة الناس دي من قبل حتى ما يفكروا حتى يعملوا الجرايم الي هيعملوها؟! بس ده مش مبرر إنك تؤدي بحياة ٥ الآف شخص، في ١٠٠ طريقة تانية “، ساعتها حسيته اتعصب وقال ” حاولت، عملت كل حاجة ممكن تتخيلها بس هى دي الطريقة الوحيدة، دي الطريقة الي تقدر تنقذ بيها .. ” طعنته بالسكينة الي في أيدي قبل ما يكمل كلام، مقدرتش اقتنع بكلامه وكان لازم اخلص مهمتي قبل ما يروح ٥٠٠٠ شخص بريء.

مسكته ودوست ع الساعة، وكتبت التاريخ والساعة الي مي قالتلي عليهم، اختفينا من المكان وبقينا في نفس عربية المترو بس الدنيا كانت ليل، والعربية متهالكة، أو مركونة بمعنى اصح وكإن مبقاش في حد بيستخدمها، جريت ع العبوة الناسفة، وبطلتها زي ما مي شرحتلي، شكل الجثة رعبني وخوفت بس افتكرت إن الجثة دلوقتي في زمن غير زمني فمش هتضرني في حاجة، بس ده ميمنعش إن كتبت التاريخ والوقت ورجعت لزمني في ساعتها من الخوف، والساعة اتدمرت في ساعتها. مبسوط إني قدرت انقذ آلاف الأرواح من الهلاك، واقضي على الشخص المجنون ده.

كنت خايف افضل فاكر الحادثة وتوقفلي حياتي، بس عدت سنين واتجوزت ” مريم” حب عمري أخيراً ونسيت كل حاجة، لحد اليوم الي كنت اجازة فيه من الشغل وانفجر المصنع الي أنا كنت شغال فيه، والي مات فيه اكتر من ٣٠ الف شخص، ٣٠ الف واحد بيشملوا زملائي الي كانوا معايا، أصحابي وعشرة عمري الي كانوا شغالين معايا، والي عاش منهم مكنش سليم، مش بس كده عدت سنين وحاولت انسى بس حصل اكبر حادثة في تاريخنا، اكبر حريق أدى لموت عدد مهول من البشر، والي والي كان منهم مريم!! كنت بموت الف مرة وانا شايف جثتها و..

بس دي مكانتش النهاية، الحوادث المتتالية الي كنت بخسر فيها كل يوم شخص عزيز عليا، لحد انفجار الميدان الي كان فيه عصام ابني، ساعتها انا موت بجد، مفيش حاجة اعيش عشانها، ساعتها افتكرت كلامه، كان لازم اصدقه، كنت لازم اسيب المترو ينفجر، ليه؟! ليه كل الحوادث دي كانت بتؤدي لشخص عزيز عليا؟! كل ده عشان مسمعتش كلامه؟! بس..بس لسه في حل، في طريقة اخليهم واخلي الآف الناس يعيشوا، فضلت سنين بحاول عشان اقدر أصنع الساعة مرة تانية، قعدت احاول واحاول لحد ما قدرت اعملها أخيرا، واشتغلت.

قعدت اتنقل من زمان لزمان، عرفت كل اسماء المتسببين في كل الحوادث الي حصلت، حاولت اكتر من مرة امنع حادثة كانت بتحصل برضو! حاولت بشتى الطرق بس محاولاتي كلها باءت بالفشل، تعبت من التنقل بين الأزمنة، وبقيت بنسى كتير، الحل الوحيد إني اجمعهم كلهم مرة واحدة، واقضي عليهم كلهم، بس مش هيبقى مكان تقليدي، المترو، شيء ملهم جداً، عامل زيي، القطر الي عمال يمشي بين المحطات أو الأزمان، بيقف كل محطة، وينزل منه ناس، بيفقدهم من وقت للتاني، بس مكمل لحد أخر الخط، بس ..بس بيجي في يوم ويجمعهم تاني وده الي انا هعمله.

انت في الصفحة 2 من 3 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل