
مشيت خطوتين كمان ناحية باب الشقة، الصوت كان بيزيد، عياط طفلة صغيرة، كان الصوت قريب من باب الشقة وكأنها بتعيط في نفس الدور، فتحت الباب برَّاحة، كنت حاطة السلسلة، يادوب بصّيت بعيني الشمال، وفعلًا لقيت بنت صغيرة قاعدة بتعيط ومنهـ.ـارة، إستغربت إن محدش سمعها، ولا حتى طلع يواسيها، خايفة يكون حد بيعمل كده عشان اللي يطلع يدخلوا بيته ويسـ.ـرقوه أو أي شئ لقدر الله،
بس مقدرتش أستحمل أكتر من كده، فتحت الباب وقولت هاخد بالي، وربنا الحافظ، طلعت وناديت على البنت وسألتها بتعيط ليه لقيتها بترد عليَّا بدون ما ترفع وشها وبتقول : – شوفتيه؟! = هو مين؟! – بابا؟! = لا.. يا حبيبتي أنا بسألك ماما وبابا فين؟! مش عارفة الشقة؟! – بابا من يوم ما مُـ.ـت وهو مش زارني.. مع إنه وعدني إنه عمره ما هيسبني لوحدي أنا وماما!! حسِّيت بر,,جفة غريبة في جسمي، كنت واقفة في مكاني مش مستوعبه ولا فاهمة هي بتقول إيه؟! يعني إيه “من يوم ما مُـ.ـت” وإزاي طفلة في العمر ده تقول كلمة زي كده،
بعدها البنت لفَّت وشها، وأول ما شفته كان غريب، وشها شاحب أوي، أزرق، وعيونها سوده تمًامًا وأسنانها، بدأت تِص,,رَّخ بصوت عالي جدًا بعد ما قرَّبت من وشي، حسِّيت بألـ.ـم ره,يب أوي وبعدها فقدت وعـ.ـي تمامًا من شدة الألـ.ـم والصُـ.ـداع اللي حسِّيت بيه وقتها..
عرفت إني فقدت وعـ.ـي تاني يوم، لما صحيت على صوت جوزي وهو بيتطمن عليَّا، قالي إن حد من سكان العمارة شافني وأنا واقعة قدام باب الشقة، مكنتش بتكلم وقتها، أنا حرفيًا كنت تايهه تمامًا، ضايعة، مش فاهمة إيه اللي شُفته ده ولا تفسيره إيه؟! بس مقدرتش أشارك الكلام ده مع جوزي، يمكن أنا شُفت كابـ.ـوس إمبارح مش أكتر، إهتم بيَّا وبعدين جه وقت الشغل باس راسي وقال :
– متتعبيش نفسك النهاردة.. ومتز,,عليش مني حقك عليا ظهرلي كام إجتماع مفا,,جئ إمبارح.. بس مش هتأخر النهاردة.. وعمومًا هكون قلقان عليكِ.. إبقي طمنيني عليكِ وهرجع نسهر سوا بقا ونشوف الصور أنا منستش!! = طيب.. هبقى أطمنك.. متقلقش.. يلا متتأخرش.. بعدها خد ظرف ما كان على السفرة، ظرف لما شافة ملامح وشه إتبدّلت، كأنه متضـ.ـايق معرفش ليه، طبعًا أنا مكنش فارق معايا أي حاجة وقتها غير اللي حصل إمبارح، ولا حتى كنت فاكرة إني زعلانه منه عشان بردو مش وفى بوعده ليَّا، كنت طول اليوم دماغي في اللي حصل ومين الطفلة دي؟!
على المغرب جالي إتصال من صاحبتي أنقذني من تفكيري المُفرط في اللي حصل إمبارح، رديت عليها : – ألو.. إزيك يا حبيبتي عامله إيه ؟! = الحمد لله.. معلش كنت عايزة أطلب منك طلب ضروري.. – قولي يا حبيبتي.. ده إنتِ ياما ساعدتِني!! = أنا عندي مناوبة في الطـ.ـوارئ النهاردة بس حصلي ظروف ماما تعبـ.ـت فج,,أة وعايزة أروَّح عندها ضروري.. هل ينفع تنزلي النهاردة وتغطي مكاني.. لأن الطـ.ـوارئ النهاردة مليان حـ.ـوا,,دث طرق بسبب المطر والجو ده!
– ربع ساعة وهجهز طبعًا إنتِ بتقولي إيه.. وإبقي طمنيني على مامتك!! = تسلميلي والله عارفة إنك لسه عروسة جديدة معلش!! – بتقولي إيه بس عيب كده.. أنا نازلة أهو! جهَّزت نفسي ونزلت، وغطيت مكان صاحبتي النهاردة، الطـ.ـوارئ كانت مليانه النهاردة بشكل غير طبيعي، كنت قولت لجوزي، ودلوقتي أكيد هو روَّح ونام كمان، وبردو معرفتش أشوف صورنا سوا، قولت ممكن نشوفها بكره يلا بلاش تافهه دلوقتي، بس كان جوايا شعور غريب، كنت حاسَّة إني عمري ما هشوف الصور دي أبدًا،
كانت كل الأفكار دي في دماغي، لحد ما سمعت صاحبتي بتقول بصوت كله حزن وهي فاتحة ملف مريـ.ـض ما في إيدها “صعبت عليَّا البنت دي من إمبارح مش قادرة إتخ,,طاها..” لفتت إنتباهي بصرا,حة، كان باين عليها أنها زع,,لانه أوي فسألتها : – مين؟! = بنت صغيرة إتو,,فـ.ـت إمبارح.. إفتكرتها لما شُفت ملفها تاني!! – إيه سبب الوفـ.ـاة؟!
= حا,,دثـ.ـة طريق إتوفـ.ـت هي ومامتها.. مامتها إتوفـ.ـت قبلها من أول يوم في العربية.. البنت كانت عايشة وإتوفـ.ـت إمبارح حالتها كانت خـ.ـطرة.. أبوها بقى إنسان حقـ.ـير رفض إنه يشوفها أو حتى يزورها قبل ما تمـ.ـوت رغم أننا بعتنا له النهاردة الصبح جواب إن بنته إتوفـ.ـت يجي يستلمها.. بس هو متبـ.ـري منها تمامًا.. هو بنفسه كان قال لنا كده.. بس كويس قرايب والدتها قاموا بالواجب..
– أنا قلبي وجعـ.ـني عليها بجد .. معلش أشوف الملف ؟!
قلبي حرفيًا كان هيقف أول ما شفت صورة البنت، كـ.. كانت هي البنت اللي شفتها إمبارح بتع,,يط، الدنيا كأنها وقفت، وأنا كنت متسمَّره قدام الملف، ، الأكبر كانت لما قرأت إسمها، كـ.. كان إسم أبوها زي إسم ج,,وزي.. لا ده إسم جوزي الخُماسي.. هـ.. هو جوزي وبسرعة عقلي ربطلي الأحداث لما إفتكرت الظرف اللي جوزي شافه النهاردة واللي بسببه وشه إتحوَّل 180 درجة..
يـ.. يعني أنا جو,,زي كان متجوز عليَّا ومخلف.. طب إيه ذنبـ.ـهم.. إيه ذنـ.ـب الطفلة دي تمـ.ـوت وحيدة.. وقع الملف من أيدي وأنا كنت هقع معاه، مسكت في الكرسي اللي ورايا وقعدت عليه وأنا بقول في
“أ.. أنا لازم أمشي.. ضروري..”
صاحبتي قلقت عليَّا، وأنا محستش بنفسي من وقُمت ومشيت، معرفش إزاي وصلت لبيتي، بس وصلت ودخلت، طبعًا أنا طوِّلت في المناوبة النهاردة ودلوقتي الساعة 4 الفجر، هو نايم، وقفت قدام باب أوضته وأنا ببصله وهو نايم، إزاي قدر يكون كده، خـ.ـاين، كـ.ـداب وضميرة مرتاح ونايم بكل سهولة، وبنته إتوفـ.ـت النهاردة، حتى بنته مش وفى بوعده ليها..
كنت ساعات كتيرة بشوف تصرفات منه مؤذيـ.ـة بس بيقولك الحب أعمـ.ـى بيخليك متشوفش أي عيـ.ـب في حبيبك.. رجعت عشان أمشي وأفكر هعمل إيه، رجلي مبقتش شايلاني من ، حسيت بهوا بارد جاي من ورايا، إتنفضـ.ـت، لما لقيت البنت الصغيرة واقفة ماسكه أيد ست واقفة جنبها، ملامحهم مر,,عبة وشاحبة، شعرهم أسود وطويل، عيونهم وسنانهم سوده، تمًاما، عرفت إن دي ر.. روحهم البنت وأمها، مرات جوزي وبنته، مكنتش قادرة أتحرَّك من خو,,في بعدين سمعت الست بتقول :
– شوفتيه؟! = مـ.. مين؟! – أبو بنتي.. = … – هو وعد بنتي أنه مش هيسيبها مهما حصل.. إفتحي الباب من النهاردة ج<<وزي لازم يهتم ببنته.. إحنا أسرة سعيدة وهنفضل مع بعض لآخر العمر.. أنا مستحيل يطلـ.ـقني ويسيبني أنا مش هسكت أكتر من كده.. حتى لو أنا ميـ.ـته..
شاورتلي بإيدها ناحية باب أوضتة، كنت مبرَّقة، مش مص,,دقة، أصعب شئ بعيشه في حياتي، دموعي بتنزل تلقائي، حاسَّة إني أنا السبب في العيلة اللي إتدمَّـ.ـرت دي.. بدأوا يقرَّبوا مني، لقيت نفسي وأنا ببعد خطوة ورا التانية بعيد عن الباب بعدها حطيت إيدي على أوكرة باب الأوضة وقولت
“أنا آسفة لو أنا كنت السبب في دمـ.ـار عيلتك.. وحزن بنتك.. أنا هفتحلك الباب وأتمنى إنك تسامحني.. لأني مكنتش أعرف..” معرفش قولت كده إزاي بس كنت مرعوبة، حزينة جدًا، حطيت أيدي على أوكرة الباب ورجفة أيدي كانت واضحة، حسِّيت بالأمان ناحيتها، كنت حاسَّة إنها مصدقاني، بعدها فتحت الباب ودخلوا، حرصت إني أقفل الباب وراهم بالمفتاح وقبل ما البنت تدخل قالتلي
“شكرًا لإنك وافقتي ترجَّعيلي بابا للأبد” قفلت الباب بالمفتاح وقعدت قُدامة بعد ما حطيت أيدي على ودني عشان مسمعش أي صوت، بس صوت صراخ وتكسـ.ـير عضمه كنت سامعاه، كان عالي جدًا، كان بيحاول يهـ.ـرب، بيحاول يفتح الباب، بس الباب مكنش بيفتح لأني قفلته والمره دي مش هفتحه مهما يحصل، عمره ما وفى بأي وعد ليَّا، حتى الصور مبقاش ليها داعي، كلها عبارة عن كدبـ.ـة، حياة إتبنِت فوق دمـ.ـار حياة تانية بسببه، بسبب وعوده الكدابـ.ـة؛ هو عمره ما وفى بأي وعد إدَّهولي لحد النهاردة بس المره دي حَرَصت على أنه يوفي بوعده لبنته للأبد.
#إسكربت_تخيلي
#ما_رواه_قلمي
#بقلم_رِيـن 🖊️
#وعود_على_الفاضي