منوعات

القصة كاملة 

القصة كاملة

كان جدي سايبلي وصية قبل ما يمـ،ـوت، عبارة عن ظرف مقفول في مكان جوه مكتبته السرية اللي أنا بس عارف بوجودها، وكان مبلغني إنه لما يتوفى هلاقي الرسالة في كتاب معين، وبعد ما اتوفى نزلت المكتبة عشان أشوف الوصية.. ولما فتحت الكتاب لقيت جواه ظرف “جواب” قعدت وفتحته وكان مكتوب فيه الآتي:

ـ حفيدي الغالي سليمان؛ أنت الوحيد في كل أحفادي اللي قريب من قلبي، وأنا فضلتك عليهم كلهم، لأنك تملك النقاء والروح الطيبة، وده اللي أنا مقدرتش أملكه. لكن في نفس الوقت أنت شبهي واسمك على اسمي، أنا يمكن فشلت في حل اللغز، لكن الأمل فيك أنت والحل يبقى على ايديك.. وأنا صغير علمني واحد من أهل العلم رموز الحياة ومفاتيح العِلم، حاولت باللي اتعلمت أوصل مدينتهم لكني فشلت، لأني مكنش عندي النقاء اللازم اللي يسمحلي بدخول المدينة.

أنا عارف إنك لما هتقرأ اللي أنا كاتبه ده مش هتفهم حاجة.. لكن أنا سايبلك في الكتاب اللي في إيدك ده كل حاجة هتحتاجها في رحلتك.. أتمنى إنك تستمتع وتخوض المغامرة، وساعتها هتوصل لكل اللي مقدرتش أنا أوصله أو حتى غيري يوصله.. لأنك المختار، وده اللي بيقوله القدر.. اللي هيقدر يدخل المدينة شاب فقد عينه الشمال وهو طفل.. وده أنت يا إسماعيل.

الكلام في الرسالة خلص، لكن المفاجآت لسه مكملة،

كان في جوه الظرف تذاكر طيران، وورقة تانية مكتوب فيها:

ـ كل حاجة هتحتاجها موجودة في المكتبات اضغط على الحيطة مكان ما أخدت الكتاب.

من غير ما استنى لحظة واحدة، دوست وضغطت مكان ما قال.. الحيطة  كان فيها مكان من الحجر كأنه زرار ولما دوست عليه ظهرلي تجويف وكان فيه ورقة، ولما أخدتها لقيتها شيك بنكي باسمي بقيمة مليون دولار. ساعتها حسيت إني بحلم، وكمان الموضوع بيزيد تعقيده، فضلت أدور أكتر عن حاجة تانية يمكن أفهم اللي مفروض أعمله تاني لكني موصلتش لحاجة.

فرجعت كل حاجة مكانها وقفلت المكتبة وأخدت الكتاب والظرف والشيك وطلعت على أوضتي عشان أبدأ أفكر أكتر وأشوف حل اللغز الغريب ده.

بدأت أفنط وأفرز الحاجات اللي لقيتها في المكتبة قدامي عشان أرتب أفكاري، ولاحظت في آخر الكتاب خريطة مكتوب عليها (خريطة العالم الجديد) كانت ملهاش ملامح واضحة وكان رسمها قديم جدًا، الخريطة كان مكتوب عليها من فوق (الإدريسي القرشي) و تاريخ (١١٥٤م) ، الموضوع اتقعد معايا أكتر وتوهت أكتر. أنا فعلاً مش فاهم أي حاجة، فاتصلت بعبد الله ومحمود ورامز صحابي عشان يجوا يفكروا معايا ويحلوا معايا اللغز العجيب ده.

دول أعز أصحابي وأقرب الناس ليا وعشرة عمري ومستودع أسراري، وبعد ساعة من اتصالي بيهم اتجمعنا وحكيتلهم اللي حصل ووريتهم كل الحاجة اللي لقيتها فبدأ عبدالله يقول:

ـ أعتقد إن دي أول خريطة واضحة اترسمت للعالم، وأول خريطة رسمية معترف بيها، حتى أنا كنت قريت إن الاوروبيين في النهضة الحديثة استخدموا الخريطة دي لتحديد بعض معالم أوروبا الأساسية، ولأن كمان اللي رسمها الإدريسي اللي اتولد ومات في اسبانيا وتحديدا في مدينة (سبته) رغم كونه عربي لكنه برضه كان أوروبي ورسمها في صقلية بأمر من ملكها (لروجر الثاني)، الخريطة دي مرسومة بالمقلوب يعني الجنوب فوق والشمال تحت.

قولتله:

ـ طيب أنت فاهم حاجة أصلًا؟

فقال:

ـ  مش عارف يا سليمان بس حاسس كده إن الخريطة دي هي دليل لرحلة معينة جدك عايزك تعملها وسابلك ليها تذاكر طيران وفلوس، وأنت قدامك اختيارين: يا تجرب وتستكشف وانت وحظك، يا تكبر دماغك وتاخد الفلوس وخلاص.

بعد ما خلصنا قعدتنا ما مشيوا وأنا دخلت نمت، وحلمت إني واقف على شلال كبير وفي تجويف من ورا الماية النازلة منه، وخرج من التجويف ده جدي وهو بيبتسم وبيقولي:

ـ كده برضه؟ هو أنت مش عايز تشوفني يا سليمان؟

ده أنا قولت هتفهم وهتيجي تشوف جدك اللي وحشك.

بصيت باستغراب وقولتله:

ـ وحشتني جدًا.

وجريت عليه وحضنته فاختفى من بين ايديا.

وبعدها أسمع صوته جاي من ورايا، فأبص ألاقيه واقف فوق الشلال وبيقولي:

ـ كل حاجة كاملة معاك، فاضل بس إنك تتحرك. واختفى.. وقومت من النوم مفزوع ودي أول مرة أخاف منه، ولقيت الكتاب جمبي ومفتوح على الخريطة، وأنا كنت أصلًاشايله جوه درج مكتبي.

في الوقت ده الفجر كان بيأذن.. قومت اتوضيت وصليت وفضلت أقرأ شوية عن تاريخ وحضارات أمريكا الجنوبية القديمة اللي سيطرت عليها “الإنكا” ده اسم الإمبراطورية اللي سيطرت ع معظم امريكا الجنوبية في تشيلي والارجنتين وبوليفيا والاكوادور وبيرو وكولومبيا.. فضلت أقرأ كتير لحد ما النوم غلبني وصحيت الساعة ١٠ الصبح، ولقيت كذا مكالمة من عبدالله ولما كلمته رد قال:

ـ فكرت؟ بصراحة انا عارف إن الموضوع غريب جداً، لكن أنا عايزك توافق ونجرب المغامرة دي.

فحكيتله على الحلم الغريب اللي أنا شوفته، والكتاب اللي لقيته جمبي برغم إني شايله في درج المكتب بايدي.. فقالي:

ـ  أنا اتكلمت مع محمود ورامز في الموضوع وهما حابيين كمان التجربة، وكلنا مستعدين نكون جمبك ومعاك، جدك عايزك توصل لحاجة معينة، كأنه قدرك ولازم تمشي في طريقه وتعرفه.

ـ خلاص، خلينا نتجمع بليل عندي في البيت ونتكلم.

وفات اليوم بغرابة شديدة جداً، وأنا كل مكان بروحه بلاقي فيه حاجة عايزاني أمشي الطريق ده.. في الشغل لقيت زميلة ليا بتقولي وبدون مناسبة:

ـ عارف يا سليمان، أنا قريت إمبارح رواية عن حضارات شعوب الأنكا لازم تقراها.

مكنش عندي رد غير حاضر هبقى اقراها، ولقيت رسالة من شركة سياحة على موبايلي مضمونها خصومات على الرحلات السياحية لتركيا وتايلاند وأمريكا الجنوبية. رجعت البيت تعبان، وكعادتي بحب أتفرج على قناة أبو ظبي الجغرافية، وكان فيه برنامج بيتكلم عن حضارات الأمريكتين.

كانت حاجة غريبة جدًا وعجيبة، في حاجة أنا مسيرلها ومسلوب مني حق اختيارها.. ودخلت عشان أنام شوية قبل ما صحابي يجوا.. وحسيت بحركة معايا في الأوضة، قومت اتنفضت من على السرير لما سمعت صوت غروشة وخربشة في الدولاب، فافتكرته فار لأني لقيت شباك الأوضة مفتوح، ولما فتحت الدولاب مكنش فيه أي حاجة غير تمثال صغير من دهب.. وكان شكل التمثال غريب جداً وأول مرة أشوف تمثال شكله كده! ملحقتش أسأل نفسي أي سؤال لأني سمعت صوت بيضحك من ورايا.. وقتها جسمي اتشل ومقدرتش ألتفت وأبص ورايا، لكني سمعت الصوت بيقول:

ـ يا سليمان الجميع في انتظارك.

صوته كان بشع ومخيف.. وبعدها سمعت صوت خطوات رجليه وهي بتخرج من الباب.. كان صوت تصادم خشب مع السيراميك بتاع الارضية.. كإن رجل اللي ماشي على الأرض من خشب مش زي رجلينا.

التليفون رن وأنا لسه جسمي مشلول ومش عارف أتحرك أروح للتليفون عشان أرد، بعد ٦ رنات كاملة قدرت أتحرك وأوصل للموبايل.. رديت على عبد الله وقالي:

ـ  أنت فين يا ابني.. إحنا تحت بيتك، احدف المفتاح بتاع باب العمارة.

حدفتلهم المفتاح وبصيت على التمثال لقيته اختفى.. ولما طلعوا، فقولتلهم أنا موافق على الرحلة دي، التذاكر مكتوب عليها تاريخ فجر الجمعة، رحلة بيونس آيرس، يعني هنتوجه للأرجنتين وإحنا وحظنا بقى..

حضرنا كل حاجة وصرفت الشيك، وحجزنا في فندق يعتبر سعره مناسب، واستعدينا لرحلتنا الأولى للمجهول، أو يمكن للموت، أو لحياة تانية أفضل.. وفي وقت السفر وركبنا طيارتنا المتجهة للأرجنتين.. وكانت رحلة طبيعية ووصلنا الحمد لله، ولما خرجنا من باب المطار وإحنا كل اللي في دماغنا نوصل الفندق الأول وبعدين نشوف إيه طرف الخيط الأول اللي هنمشي عليه، فخرجنا من المطار ركبنا تاكسي، ووأنا بوريله العنوان على الموبايل، لقيت سواق التاكسي نفس الشخص اللي في مجسم التمثال اللي ظهر واختفى في أوضتي.. نفس الملامح والشكل والنظرة وكل حاجة بالمللي.. أنا حسيت إني مصدوم ومش عارف أنطق.. وطول الطريق أنا ببصله في المراية لأني كنت قاعد ورا وهو عنيه منزلتش من عليا.. وتقريبًا ما اتكلمش ولا كلمة، ولما وصلنا للفندق ونزلنا من التاكسي، إداني جواب ومشي من غير ما يسأل عن الأجرة!

عنيا فضلت مراقباه لحد ما اختفى عن نظري، ومحمود قالي:

ـ  يلا يا ابني.. هو أنت هتفضل واقف كده؟

مكنش حد فيهم يعرف موضوع التمثال لأني مكنتش حكيته لحد.. طلعنا اوضتنا وظبطنا ورصينا حاجتنا وبدأنا نقعد نريح من تعب الرحلة وكنا المغرب، يعني كانت الساعة ٦ تقريبًا، ولقيت رامز بيقو :

ـ إحنا هنعمل إيه بعد كده.. وهنتعامل إزاي، هنا بيتكلموا إسباني.

رد عبد الله وقال:

ـ لا عادي، كلنا بنتكلم إنجليزي كويس وطبيعي يكون في ناس بيتكلموا إنجليزي.. وبعدين الأبلكيشنز موجودة، نترجم أي جملة بتتقال بسهولة.

الباب خبطت وسمعنا صوت بيقول روم سيرفز.. فتحت عشان ألاقي سواق التاكسي في وشي بس بهدوم عامل الخدمات في الفندق ومعاه تربيزة عليها كل ما لذ وطاب من الأكل.. وساب الترابيزة وهو بيبتسملي ومشي، وأنا عنيا برضه متابعاه لحد ما اختفى عن نظري.

دخلت بالترابيزة وافتكرت الجواب اللي كان سابهولي لما نزلنا من التاكسي.. فتحته ولقيته مكتوب بالعربي وبلغة تانية عجيبة جدًا وغريبة، الكلام وش وضهر، في وش الورقة مكتوب الكلام بالعربي وفي آخر الصفحة مكتوب إن ترجمة الكلام بلغة الإنكا واسمها “كوتشوا” اللي في ضهر الورقة.

لما قرينا الجواب وقبل أي حاجة عبد الله قالي:

ـ في حاجة غريبة.. لغة الأنكا كانت مجرد لغة كلامية فقط ومكنتش مكتوبة، مجرد لهجة مكتسبة، إزاي مكتوبة؟

فقولتله:

ـ كلامك صح.. بس مش أغرب من الرسالة اللي بالعربي.

وكان مضمونها الآتي:

ـىمن إله الشمس في الشرق إلى أبناءه خلف البحر. لقد امتلكنا القوة وأسرار كثيرة من الحياة، وأرسلنا من يعلمها وينشرها في جميع أنحاء وأرجاء الدنيا.. فلتعلموا أن كنوزنا ما هي إلا إرثاً لأبناء إله الشمس الأوحد ونحن في خدمته.

يا سليمان عليك المواصلة مع أصحابك لإستكمال البحث عن إرث أجدادك، ولتعلم أنك ستواجه الكثير من المتاعب ولكننا بجانبك، لا تخف وكن شجاعاً.

اذهب إلى كوسكو.

الليلة دي كانت مختلفة ومش عادية خالص. بعد ما خلصنا أكلنا، كل واحد فينا راح يشيك على حاجته، وأنا سحبت اللابتوب وفتحته وقولت ابحث عن مدينة “كوسكو”، اللي كانت مكتوبة في آخر جواب سواق التاكسي الغريب ده، واللي واضح إنه مش مجرد سواق ولا عامل روم سيرفز، ده شكله شيطان.

ولقيت إن كوسكو كانت العاصمة القديمة لإمبراطورية الإنكا، ومكانها في جنوب شرق بيرو، وقالوا إنها كانت مركز روحي وثقافي ضخم.. بس اللي شدني أكتر إن فيه كلام عن أبواب الشمس.. بوابات حجرية ضخمة محفورة بنقوش ماحدش قدر يفسرها لحد دلوقتي، والناس هناك بيقولوا إنها بتوصلك لعوالم تانية.

رامز قطع تفكيري فجأة وقال:

ـ النت فصل عندي، عندك شغال؟

بصيتله وقولت:

ـ لا، فصل برضه.. مع إنه كان تمام من شوية.

سمعنا أنا ورامز لأننا كنا في أوضة واحدة صوت خبطة خفيفة على الشباك، والغريب إننا كنا في دور عالي جدًا.. فتحت الستارة بسرعة ملقتش حد، بس لقيت ريشة سودا طويلة جداً شكلها مرعب، ومش شبه ريش الطيور اللي نعرفها. الريشة كانت لازقة على الإزاز من برة، ومع الريشة دي كان فيه أثر كأن حد رسم دايرة صغيرة بصباعه.

في الوقت ده سمعنا صوت صرخة جاية من أوضة محمود وعبد الله، جريْنا ناحيتها بسرعة، ولما دخلنا لقينا محمود واقف بيتنفض، عينيه مفزوعة ووشه شاحب، وعبد الله واقف مصدوم وكان شكله كان بياخد دش وخرج جري من الحمام.. ولما سألنا محمود بيصرخ ليه قال:

ـ في وش ظهرلي في المراية.. وش مليان جروح، وفي ونار خارجة من عينه الشمال

سكون غريب خيم على الأوضة.. كلنا كنا حاسين إن في حاجة بتراقبنا،  وحسينا إن في حاجة خنقانا والنفس بقى مكتوم في الأوضة.. حاولت أغير الحالة دي عشان الخوف ينتهي وقولت:

ـ يا جدعان لازم نتحرك. نحجز رحلة لبيرو ونوصل كوسكو.. بلاش نضيع وقت،  خلينا نستمتع أكتر.. تعالوا يلا ننزل نلف شوية ونحجز بعد يومين، وخلالهم نكون اتفسحنا هنا شوية..

عبد الله قال:

ـ أنا معاك.. كمان لازم نروح مكان معين.

بصيناله وقلنا:

ـ مكان إيه؟

فقال:

ـ لقيت على ضهر واحدة من ورق التذاكر علامة تشبه تمثال صغير شوفته قبل كده في متحف هنا قريب مرة على النت.. وبيقولوا إن التمثال ده كان بيظهر لأشخاص مختارين بس قبل ما يوصلوا لكوسكو.. وبيكون المفتاح الأول لدخول المدينة الملعونة.

سألته: مدينة إيه؟

فقال:

ـ اللي مكتوبة في برديات قديمة، مدينة مش موجودة على الخريطة، بس بتظهر للي دمهم فيه أثر من جذور الحضارات القديمة، المدينة اللي اتبنت عشان تخبي سر الحياة واللي جدك كان بيدوّر عليها يا سليمان.. وأنت هنا عشان تلاقيها.

اليوم عدى على كده وتاني يوم الصبح روحنا المتحف، وهناك لقينا التمثال.. بس اللي حصل بعد كده مستحيل ننساه.

السابقانت في الصفحة 1 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
20

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل