
= كمان أسبوع هيكون مقلب زبالة كبير، هي الدنيا كدة يابني، والمشكلة بتـ,ـبدأ بغلطة صغـ,ـيرة أوي تكـ,ـاد لا تُذكر ولما بنهمِلها بتفضل تكبر وتكبر لحد ما تتحول لكارثة.
فلو ما عالِجناش المشكلة في أولها عواقبها هتـ,ـكون مستحيلة الحل.
مسكت كيس العصير وروحت ناحية صندوق الزبالة ورميته ولسه بلـ,ـف وشي.
وفجأة….
لفت انتباهي ظرف موجود جوا الصندوق، فـ وطـ,ـيت وجيبته وبدأت اقرأ اللي مكتوب جواه:
” دكتور “خالد المصري” أنا الحاج كريم من أسوان عندي ٥٥ سنة، شغال علي باب الله، بطلع كل يوم الفجر أقعد علي الطريق وأستني أي حد ياخدني معـ,ـاه أشتغل، والدنيا حقيقي صعبة معايا لإني مابقـ,ـتش أقدر أفرِد ضهري، ودلوقتي جايلك من غير ما مراتي تِعرف علـ,ـشان أقـ,ـدمـ,ـلك طلب إنك تعالج بنتي.
أنا ومراتي متجوزين من ١٥ سنة وربنا ما أنعمش علينا طول المدة دي بنعمة الخِلفة، وبعد كل الصبر ده بنتي جت للدنيا من ٣ شهور، ومحتاجة عملية قلب مفـ,ـتوح في أسرع وقت، لإن حالتها كل يوم بتسوء عن اللي قبله.
بالله عليك أقف جمب أب الزمن دوِّب قلبُه”.
دموعي نزلت غصب عني..
الراجل ده ظروفه كانت زيي بالضبط، وشغال نفس الشغل بتاع أبويا!!!
لفيت ضهر الورقة لاقيت مكتوب عليا:
“بنتي الغالية ياسمين، أعذريني يا نور عيني، بس معلش حظك قلـ,ـيل في الدنيا، والدكتور طلع مسافر برا مصر واللي شغالين عنده مش راضيين يقبلوا حالتك.
أشوفك في جنة ربنا يا حتة مِن قلبي وروحي.
الغلابة اللي زينا يابنتي تقريبًا مالهُمش مكان وسط القلوب السودا اللي في الأرض.
بكره معادنا في الجنة وأحس بقلبك وهو سليم وأكون فرحان بيكي وأنا شايفك جميلة وبتضحكي.
والله أبوكي عمل المستحيل علشانك، لدرجة إنه استلف فلوس المواصلات علشان يعرف ييجي لحد هنا فسامحيني يابنتي.
سامحيني يا جنة من ربنا جاتلي علي الأرض بس ماليش نصيب كبير فيها.”
” في اللحظة دي قلبي كإنه إتخلع من مكانه، وركبت العربية بتاعتي وبدأت أسوق بسرعة زي الملهوف علي بنته من الموت وسافرت من القاهرة لأسوان، سافرت ١٢ ساعة بتحدي فيهم الزمن الوقت، لحد ما وصلت للعنوان ووقفت قدام الباب، وبدأت آخد نفس طويل، وأطلعه بالراحة علشان أهدأ.
وفجأة..
سمعت صوت الأم بتصرخ وبتتكلم بسرعة أوي:
– يااااااارب، بنتي لا ياااارب.
مُعجزة من عندك يارب بس بنتي ماتضيعش مني، دي صبري كله في الدنيا والله…
“وصوت عياطها بقي عالي”
في اللحظة دي إتقدمت خطوتين ناحية الباب، وبصيت للسما، وكإني شايف قلب أبويا في اللحظة اللي وقف فيها، ومش عاوزها تتكرر تاني.
وأول ما خبطت علي الباب، لاقيت راجل ضهره محني وماشي بالعافية..
– أنت مين يا أستاذ؟
= أنت الحاج كريم؟
– أيوة.
“دموعي سالت زي الشلال”
= هو الدعاء ممكن يغير القـ,ـدر يا حاج؟
– أكيد يا أستاذ، رب المسحيـ,ـل قادر يخلي كل شيء جايز.
“وصوت الأم بيقاطع كلامنا وهـ,ـي بتقول:
– مُعجزة من عندك يارب بنتي قلـ,ـبها هيُقـ,ـف يااارب.
= الجواب ده بتاعك؟
” أول ما عينه شافت الجـ,ـواب، لاقيته بيعيـ,ـط بصوت عالي وطلع الشارع وبص للسـ,ـما”
– أنا يارب!!! وقفت جمبي أنا يارب؟؟
ده أنا عصيتك كتير ويأست أكتر.
وقفت جمب كريم الضعيف اللي الزمن حني ضهره وكسر قلبه؟؟
جمب كريم اللي مالوش حد في الدنيا يساعده؟؟
” أخدتُه في حضني وبدأت أهدي فيه وقُلت:
= ربك جمبك، وهو الوحيد اللي يقدر يساعدك ياعم كريم.
” مسح دموعه وبص في وشي بـ استغراب”
– بس أنت مين يا أستاذ، شكلك إبن ناس ومليان هيبة!
= أنا؟
– أيوة إنت.
” حسيت بخنقة شديدة في قلبي ومابقتش قادر أتحكم في دموعي وقلت بصوت متقطع:
= أنا واحد أبوه كان زيك بالضـ,ـبط ومات علشان ماكنش معـ,ـاه فلـ,ـوس يتعـ,ـالِج وماحـ,ـدش وقف جمـ,ـبه، أنا واحد الزمن كسر ضهره زيك برضو وصِبر فوق صبر الدنيا ألف صبر كمان.
أنا الدكتور “خالد المصري” أشهر دكتور جراح قلوب في ألمانيا، وصاحب المستشفي اللي أنت كنت جاي عندها علشان تكشف فيها علي بنتك يا حاج.
” إيده بدأت ترتعش وبص للسما”
– مراتي دعتك بمُعجزة، أنت سمعتها؟؟؟
سمعتها وبعتتلي الشخص اللي أنا لفيت الدنيا كلها علشان بس أشوفه!!
باعتهولي لحد بيتي؟؟؟
” في اللحظة دي حطيت إيدي علي قلبه وقُلت:
= هو حقيقي الدعاء بيغير القدر يا حاج كريم؟؟
“فضل يمشي قدام البيت وهو باصص للسما وبيقول بصوت واطي وكلام مش واضح:
– رب المُعـ,ـجزات قادر علي كل حاجة..
رب القدر قادر علي تغـ,ـير القدر.
ربنا سِمِعني، ربنا سِمِعـ,ـني وبعت المُعجزة لمراتي.
” أخدتهم معايا في العربية وطـ,ـول الطـ,ـريق كنت متاـ,ـبع حالة البـ,ـنت وأول ما وصلنا المستشفي كانت أوضة العمليات جاهزة، وبدأت في تنفيذ عملية قلب مفتوح وتوسيع شرايين وتبديل صمامات لطفلة لسه ماتمتش ٣ شهور، عملية كانت تكاد مُستحيلة.
واللي إتمنيته زمان بقي دلوقتي قدام عينيا.
إني أبقي دكتور قلب كبير، وأعالج قلوب الغلابة ببلاش.
وإن الدكتور مش لازم يكون أبوه دكتور.
بس ثواني، وقبل ما قلبي يُقف والدنيا تتحول.
فيه أمل جديد إتولد، وهيحكي عُمري من الأول.