
ده الكلام اللي حكاه عم متولي، فاقترحنا نجيب شيخ يقرأ يمكن هو اللي يكون عنده الحل، وساعتها ابنه الكبير جه وإحنا قاعدين معاه، وقال إنه جاله استدعاء من النيابة، ففكرة الشيخ اتأجلت لحد ما نشوف إيه الجديد اللي هيحصل.. كنا ساعتها الضهر، وعم متولي أخد ابنه الكبير ياسر وراحوا النيابة، و رجعوا على صلاة العشاء كده، واتجمعنا مرة تانية في شقة عم متولي، اللي كان على ملامحه استغراب ودهشة وخوف وفزع، وكل الأحساسيس المرعبة في وقت واحد، وبدأ يحكي وقال:
_ قالوا لنا في النيابة نروح على المشرحة، ولما روحنا وسألت، قالوا أطلع الدور الرابع، طلعنا بالاسانسير، وأول ما الأسانسير فتح؛ لقينا قدامنا مكان واسع وكبير جدًا مافيهوش إلا باب واحد بس في آخر الدور، المكان فيه هدوء رهيب، ودرجة برودة منخفضة زي تلاجات الفاكهة، كأنك دخلت المقابر في يوم عادي، وحسيت إحساس مريب، إحساس بريحة الموت في كل مكان، إحساس يشل حركتك ويجبرك تتحرك ببطء وبحذر، زي ما يكون مستنى حاجة هتظهر لك مرة واحدة وتموتك.
مشينا براحة لحد ما وصلنا للباب، اللي كان من درفتين وشبه أبواب غرف العمليات والرعاية المركزة، لونهم أبيض وفيه دايرتين ازاز من فوق، وأنا من زمان قلبي بيتقبض منه بمجرد ما بشوفه في فيلم ولا مسلسل، بصينا من الفتحتين الازاز، وكان فيه باب تاني من جوه مقفول، لكن كان مقفول، لأنه مرة واحدة بدأ يتفتح ببطء، اتخضينا ورجعنا لورا خطوتين، وخرج دكتور ومعاه شاب في أواخر التلاتينات والشاب ده سألنا أنتوا مين، فجاوبته، فقطع كلامي وقال:
_ أيوا تمام، أنا رؤوف سامي وكيل النيابة، وده الدكتور أحمد الزمر الطبيب الشرعي، قبل أي كلام، ففي حاجة مهمة لازم تشوفوها.. اتفضلوا معايا.
ودخلنا من الباب الأول، والدكتور سبق خطوتين وفتح الباب التاني، عشان نلاقي نفسنا داخل تلاجة الموتى، غرفة بكامل الدور على شكل حدوة حصان، وكلها ادراج، وكل درج ليه رقم متسلسل، وسرير في النص، سرير زي بتاع العمليات وراكب عليه لمبة اضاءتها لونها أصفر، كل حاجة هنا ريحة الموت خارجة منها، لدرجة إنك تحس وكأنك ميت وروحت وعبرت لعالم آخر.. وكان في جثة على السرير، وقطع إحساسي وتقكيري كلام الدكتور وهو بيقول لي:
_ ربنا يصبرك يا حاج، حاول تتمالك نفسك لأن اللي هتشوفوا دلوقتي غريب جداً، وأنا شخصيا خلال 18 سنة لمزاولة مهنة الطب الشرعي، أول مرة يمر عليا واشوف حالة زي دي، دي جثة شهاب ابنك، وكنا حاولنا نرجع العضم مكانه بعد الكسور الكبيرة اللى سببتها الوقعة من دور عالي..
وشال طرف الملاية اللي متغطية بيها الجثة، من ناحية جنب شهاب اليمين، وظهرت علامة من 3 شرطات على صدر شهاب، شكلها غريب جدًا وكأنها صوابع غول أو وحش.. الدكتور رجع غطي الجثة وطلب مننا نخرج ونقعد في مكتبه نتكلم، ووصلنا المكتب في الدور اللي فوقيه وبدأ بالكلام وقال:
_ حاولنا بكافة الطرق معرفة إيه العلامات دي، لكن ماقدرناش نوصل لأي نتيجة، لا هي أثر صوابع مثلاً ناتجة عن إن حد زقوا، ولا هي كدمة، ولا هي أي شيء ليه تفسير طبي، ولا حتي جنائي، فهل أنت عندك تفسير للعلامات دي يا حاج متولي؟
هزيت دماغي إني إني لا ماعنديش تفسير، وطلبت منه عمل اللازم للدفن، ومساعدتى إني أدفن ابني بسرعة، واستأذنته عشان أمشي، ولما نزلنا من عنده فضلنا نلف بالعربية أنا وياسر وإحنا مابنتكلمش، وبعد ساعات رجعنا من غير أي تفسير لكل اللي حصل..
كنا كلنا ساكتين لما عم متولي خلص كلامه، واللي حصله هو وياسر ابنه في المشرحة، ومافيش حد كان لاقي كلمة يقولها، بس أنا قررت أكسر الصمت ده وقولت:
_ إحنا لازم نشوف شيخ، يمكن لو قرأ المذكرات وسمع الحكاية ودخل الأوضة يبقي عنده الحل والتفسير للي بيحصل ده.
كلهم وافقوني على رأيي، واتفقنا على كده، وقومنا عشان ننزل من عند عم متولي، لقينا الاسانسير مش شغال ، والعمارة كانت فيها مكان للاسانسير وسلم عادي واسع جنب الأسانسير وليه بير زي ما بنسميه، وده اللي وقع منه شهاب، وقررنا ننزل على السلم، وأول ما وصلنا للدور الأول اللي فيه شقة الشاب العريس اللى بيوضب في شقته، سمعنا صوت حاجة بتتكسر، فجرينا بسرعة عشان نلاقي باب الشقة مفتوح وجثته متعلقة على حبل في الصالة، وجسمه من فوق عريان، وعلي جانب صدره اليمين نفس ال3 علامات اللي عم متولي قال إنه لقاهم على صدر ابنه!.
كلنا وقفنا قدام منظر محمد وهو مشنوق ومتعلق من رقبته ع الحبل، كانت ملامحه عليها رهيب، وعنيه كانت مبرقة بطريقة غريبة، ورقبتة مكسورة، لك أن تتخيل إن الصوت اللي سمعناه وإحنا على السلم ده كان صوت كسر رقبته، المنظر كان صعب جداً حتى في الوصف، المشهد كان مؤلم ومفزع لأبعد درجة..سيبنا كل حاجة مكانها لحد ما النيابة جت، ومعاها الطب الشرعي، ونفس الإستغراب كان حاضر على ملامحهم من طريقة كسر الرقبة، والمسافة القريبة لسقوط الجسم، في حالات الشنق لازم يكون فيه مسافة كبيرة تحت الجثة، عشان لما الشخص جسمه يسقط من ارتفاع عالي فعقدة الحبل تقفل على رقبته وتكسرها بسبب سقوط تقل جسمه، إنما المسافة هنا قصيرة جداً، فإزاي الكسر القوي ده حصل، بالإضافة لوجود ال3 علامات اللي اتكررت للمرة التانية وماكنش ليهم تفسير منطقي نهائي.. وزي المرة اللي فاتت، كل جهة قامت بدورها، والإسعاف أخدت الجثة للمشرحة واتقفلت الشقة وراح فيها شاب تاني كان بيجهز عشان يتجوز.. كل واحد راح على بيته واتفضت الناس، ورجعت الحياة لطبيعتها الصامتة الساكنة اللي ريحة الموت بقت بتفوح من كل ركن فيها.
طلعت بيتي وأخدت دش وطلعت بعدها البلكونة، وكانت الساعة في حدود 3 ونص الفجر، ووقفت أشرب سيجارة في البلكونة، ويا دوب ولعتها ولقيت نور خفيف في شقة محمد اللي لسه متوفي أو مقتول من ساعات، ضوء خافت عامل خيال على الحيطة، وظاهر فيه خيال غريبة مالوش ملامح، لا هو خيال إنسان ولا حيوان، حاولت أركز أكتر عشان أحاول ألمح وأشوف ده ايه، قولت يمكن قطة ولا كلب مثلًا في الشقة، لكن الظل كان غريب وبيتحرك بطريقة أغرب، وفجأة حركته وقفت وثبتت في المكان اللي اتشنق فيه محمد، الغريب بقا إني ساكن في السادس ومستحيل أشوف الدور الأول من جوه، لكن أنا كنت شايف كل حاجة كإني جوه الشقة بالظبط، ورجع الخيال يتحرك وخرج من الشباك، وراح مشي على واجهة العمارة لحد ما دخل الشقة اللي في الدور التاني.. وأنا كل ما الخيال يتحرك من مكان لمكان، ألاقي زوية رؤيتي أختلفت، وأكون شايف كل حاجة.
نزلت بسرعة من البيت ودخلت العمارة من غير ما العسكري اللي واقف يشوفني، وقولت أحذر أستاذ محمود ومدام إيمان من الخيال ده، وأنا أصلًا ما أعرفش إيه تفسير وجوده، ولا عارف أقولهم إيه يعني؛ اقولهم أنا شوفت خيال داخل شقتكم؟! بس ده اللي لقيت نفسي بدون وعي بعمله.
وأول ما وصلت لباب شقتهم فضلت أخبط كتير جدًا وماكنش حد بيفتح، وفجأة الباب اتفتح براحة وظهر من وراه الطفلين قاعدين في الأرض وجمبهم جثة أبوهم وأمهم.. ماعرفتش أعمل إيه؟ رجليا رافضة الحركة واتخرست وكأني فقدت النطق، وبدأ الطفلين يتحركوا ناحيتي! كل واحد فيهم شكله غريب جدًا، عنيهم لونها لبني زي الناس اللي ربنا يعافيها بيعانوا من مايه زرقا، والدم مغطي هدومهم، وبدأت البنت بخطوات أسرع تيجي ناحيتي، فجريت على تحت وفضلت أصرخ لحد ما وصلت باب العمارة، فلقيت رامي في وشي، الولد الصغير ابن محمود، وأنا أصلًا لسه سايبه فوق، فضلت أصرخ والناس اتلمت والعسكري وساعتها رامي اختفى.
بدأت الناس تسألنى مالك، وأنا مش قادر أبلع ريقي، ولا قادر آخد نفسي، وفضلت أشاور لهم على فوق، وماحدش فاهم مني حاجة، وطلعت منى مرة واحدة كلمة محمود وإيمان اتقتلوا.. جري العسكري ومعاه حبة من الناس على فوق، لقوا الأسرة بالكامل مدبوحين، محمود ومراته إيمان وابنهم رامي وبنتهم رضوي.
الناس بقت في حالة ذهول رهيبة من اللي شايفينه وبيحصل.. المرة دي كانت مختلفة لأنها التالتة، والدنيا اتقلبت والنيابة سابت قوة على باب العمارة والسطح، والطب الشرعي لقى نفس العلامات بتاعت الصوابع على جثث الأب والأم، بس الأطفال لا.. المنطقة كلها اتقفلت واتحط عليها حراسة عشان الموضوع أصبح كبير جداً، ومافيش حد فاهم حاجة ولا عنده تفسير للي بيحصل نهائي.. فات يومين وكنت خلالهم في المستشفي من الصدمة، وسمعت إن البنت رضوى كان لسه فيها الروح وماماتش، عايشة لكن في حالة خطيرة، وفي نهاية اليوم وبعد الزيارة ومعرفتي للخبر، كنت بستعد إني هخرج الصبح، وكنت بقيت كويس وبجهز شنطتى وحاجتى عشان أخرج من المستشفي، وفي الوقت ده باب الحمام اللى داخل الغرفة اتفتح، التفت بسرعة عشان ألاقي رضوى واقفة في وشي وبتقول:
_ كل اللي ماتوا كان لازم يموتوا، شهاب حاول يصرف لعنة حلت على العمارة، لكن هو رفض يمشي، ومتسألش هو مين، وماتدورش وراه، عشان ساعتها هتبقى نهايتك زيهم، أنا مرسال منه ليك عشان أفهمك وأحذرك، ولأنك الوحيد اللي شاهد على كل الأحداث، لازم عمارة الشمري تتهد وترجع زي ما كانت خرابة.
ساعتها الفجر أذن ورضوى اختفت، خوفت جدًا وأخدت شنطتي ونزلت جريت مشيت من المستشفى، رجعت المنطقة واستنيت لحد ما قدرت أجمع كل الناس، وقولت لهم كل اللي حصل، وأنا ما أعرفش اللي حكيته ده هيكتب نهايتي فعلاً، ولا كنت أسكت، وإيه اللي كان المفروض أعمله.. واحد من الجيران قال إن في شيخ هو اتكلم معاه وجاي الساعة 12 بليل، كانت الساعة وقتها 8، واتفقنا إن الساعة 12 هنتجمع في شقة عم متولي، وفي الميعاد اتجمعنا تحت العمارة وطلعنا على شقة عم متولي، اللي رحب بينا جدًا، بس لاحظت إن الشيخ وهو داخل الشقة كان على وشه علامات غريبة ماقدرتش أفسرها، كان طبيعي لحد ما دخل من باب الشقة، ووقتها زي ما يكون دخل جهنم، وبعد حوالي ساعة من الكلام، وبعد ما سمع الحكاية كلها، طلب مني أدخل معاه غرفة شهاب، لأني طبعًا الوحيد اللي شهدت موت محمد والأسرة اللي شقتهم فوق شقته، بس أنا رفضت، وقولت له مستحيل ده يحصل، كفايا اللي أنا شوفته، فقتل لي:
_ ما أهو أنت لازم تكون معايا، لأنك الوحيد اللي شوفت حاجات ماحدش شافها غيرك، والوحيد اللي اتبلغ إنه يبعد، يبقى أكيد الحل عندك، فعشان كده لازم تكون معايا.
ماكنش قدامي حجة إني أرفض، ودخلنا الأوضة، جيت أولع النور زعق فيا وقال لي:
_ أوعى تلمس أي حاجة نهائي، واقعد ثابت ماتتحركش، ومهما حصل أو شوفت ماتتكلمش نهائي.
فقولت له:
_ هو هيحصل إيه طيب، أو ممكن أشوف إيه؟
زعق فيا تاني وقال لي:
_ اسمع الكلام وبس.
طلع من جيبه شمعة ونورها وثبتها في ركن من أركان الأوضة، وبدأ يقرأ آيات معينة، وبدأت الأوضه تتهز ودرجة حرارتها تعلى، وبعد دقيقة حل صمت رهيب، فقام ولع 5 شمعات كمان وثبتهم على ناحية زوايا الاوضة على شكل دايرة، ساعتها كل شمعة عملت بنورها ضل على الحيطة، والمرعب إن كل واحد من اللي ماتوا ظهر له خيال جوه ضل نور كل شمعة.. وبدأ الشيخ يتمتم بحاجات مافهمتهاش، ولا عارف معناها، وبعدها سأل شهاب، أو ضل شهاب بمعنى أوضح:
_ حكايتك إيه؟
فسمعت صوت بيقول:
_ تالت يوم لينا هنا، كنت بستعد أصلى الفجر، وكان فاضل ساعة والفجر يأذن، فقولت أصلي وأنام وقومت أخد دش ورجعت الأوضة، وأول ما دخلت؛ باب الأوضة اتقفل لوحده، والنور اطفى، فخوفت وحاولت أجري أفتح الباب، لكن لقيته مقفول بإحكام، ولقيت كشاف الموبيل اللى كان على التسريحة اشتغل لوحده، وظهر في ضوءه خيال، وقال:
(أنا ساكن الأرض، دمي اتهدر هنا، ورجعت آخد حقي من اللي قتلني، وأنت هتكون أول حاجة أرجع بيها حقي، متولي وعامر أخدوا مني الأرض ودفنوني فيها، والنهار ده جت لي الفرصة إني انتقم أخيرًا)
بعدها النور رجع والباب اتقفل، مع الأيام لقيت نفسي اتغيرت ومابقتش أن، حاولت أعمل أي حاجة تخلي الشيء ده يسيبني في حالي، لكن ماقدرتش، والنهاية كان مجرد وقت ونفذ انتقامه.
خلص كلام الضل اللي على شكل شهاب، ولقيت الشيخ بيسألني؛ إن كان عم متولي شريك في العمارة، ومين صاحب العمارة، وهل ليه قرايب هنا من السكان ولا لا؟
فقولت له إني ما أعرفش حاجة غير إن العمارة دي ملك لواحد اسمه عامر، وإن ابنه عصام لسه متجوز جديد وليه شقة هنا، بالاضافة لواحدة اسمها مدام جيهان اللي نعرفه إنها قريبته.
لقيته طفى الشمع وقال لي تعالى معايا بسرعة، وطلع يجري ونزل على تحت وأنا وراه، وورانا باقي الناس اللي كانوا قاعدين بره مع عم متولي، نزلنا الدور الخامس اللى كان فيه عصام ابن صاحب البيت ومراته، ولقيت الشيخ وقف عند الباب اللي كان مفتوح وهو بيقول:
_ لا إله إلا الله، لا حول ولا قوة إلا بالل
ودخلنا عشان نلاقي جثث متعلقة من رقبتهم ومشنوقين كلهم جمب بعض، نفس المنظر اللس كنا شوفناه في شقة محمد في الدور الأول، بس المرة دي الميتين هما عصام ومراته ومدام جيهان والحاج عامر، ال4 مشنوقين ومتعلقين في الصالة.
بدأ الشيخ يقرب من الجثث، فندهت عليه إنه مايلمسش حاجة، لكنه قرر إنه مايسمعنيش، وما التفتش ليا حتى، وأول ما قرب منهم النور قطع لثانيتين تلاتة، وبعدها النور جه وجثة مدام جيهان اختفت.
لقيت الشيخ بيتحرك وبيسألني فين شقتها، فجريت قدامه ونزلنا علر شقتها اللي في الدور التالت، ولما دخلنا ولقيناها نايمة على سريرها جثة وميتة، الشيخ فتح الدولاب بتاعها، فضل يدور فيه وطلع صندوق شكله قديم كده وفتحه، والصندوق ده كان فيه تقريبًا حل اللغز.. لقينا ورق وحُجج تثبت بيع نهائي للأرض من شخص اسمه علي الشمري لعامر ومتولي، وغالباً الورق والحجج مزورين، والشهود على العقد هما أستاذ محمود ومحمد، وعقد جواز عرفي ما بين مدام جيهان والحاج عامر، وعقد جواز ما بين علي الشمري وجيهان.. تقريبًا أنا فهمت كل حاجة، وبقى عندي تفسير واضح للي بيحصل.
الأرض كانت ملك لعلي الشمري زوج جيهان اللي بشكل أو بآخر حاولت تقنعه ببيعها لمتولي وعامر، وهي كانت على علاقة بعامر، لكن علىطي رفض، يمكن كان عارف العلاقة دي، ويمكن كانت الأرض غالية عنده، وواضح إنه ماكنش عند علي وجيهان أولاد، لأن مافيش حد كان بيتردد عليها نهائي، بعد الرفض من علي بالبيع، قرر عامر ومتولي وجيهان يخلصوا من علي، أنا فاكر إن محمود ومراته كانوا شغالين في الشهر العقاري، ويمكن أو أكيد ده سبب موتهم، أكيد سهلوا لعامر إجراءات تسجيل عملية بيع مزيفة من المجني عليه للجناة، وطبعًا كان المقابل الشقة اللي كانوا ساكنين فيها، ومحمد كمان كان شاهد على العقد، فكان له نصيب في شقة هو كمان،
أخد الشيخ الورق وطلعنا لشقة عم متولي، فتحت مراته وقالت إنه مش موجود، وإن في حد اتصل بيه فنزل.
مافيش استغراب بقى خلاص، أكيد حس إن الحقيقة هتنكشف فقرر يهرب، لأنه مانزلش معانا أصلًا، وفجأة سمعنا صوت حبل بيترمي من فوق، وصوت عضم بيتكسر، عشان ساعتها نلاقي عم متولي مربوط بحبل من رقبته ومتعلق من السطح، وجسمه نازل عند بير السلم.. ورفعت عيني لفوق ولقيت حد أو خيال واقف جمب الحبل، الخيال المرة دي كان مختلف، لأن كان فيه عنين واضحة، وكانت عنيه ناحيتي وبيبص لي، وبعدها اختفى..
ماحدش في الناس كان مستغرب من اللي بيحصل المرة دي، وكإننا واقفين بنتفرج علر فيلم، ومستنين كل واحد ياخد جزاء عمله، اتصلنا بالنيابة وقدمنا لهم الأوراق اللي لقيناها، وأخدوا الجثث للتشريح، وفات يومين وبدأت النتايج تظهر:
تم صدور قرار بإزالة العمارة، تقيد القضية ضد مجهول لعدم اكتفاء الأدلة، أما عم سيد ومراته تم تعويضهم بشقة تانية ومشيوا لأن ماكنش ليهم علاقة بأي حاجة، ومتطلعوش قرايب صاحب العمارة زي ما كنا فاكرين،
وجت اللودرات عشان تهد العمارة وانا واقف سرحان وبقول لنفسي:
قد كده الفلوس بتعمى.. معقول نفس الإنسان توصله للشر بالطريقة دي، لدرجة إن نفسه تغلب تفكير الشياطين..إزاي ناس تتجمع على الأذية بالشكل ده ويرجعوا يتعايشوا عادي ويمارسوا حياتهم اليومية بسهولة..إزاي بيقدروا يناموا ويشربوا وياكلوا عادي من غير أي تأنيب ضمير؟ كنت زمان بصدق لما يقولوا دي ساعة شيطان واتقي الشر، بعد اللى شوفتوا ممكن أقول إن نفوس البشر أخطر من ألف شيطان، حتى الشياطين ممكن يعجزوا عن التفكير السيء اللي البشر بيقدروا يفكروا فيه وبينفذوه بمنتهى الإتقان
في الآخير تم إزالة العمارة بالكامل، وساعتها جم يبنوا عمارة جديدة خالص، والمفاجأة أنهم لقوا جثة مدفونة تحت العمارة وهما بيرموا الأساس للعمارة الجديدة، وبعد التشريح والفحص، لقوها جثة عامر شريك متولي..
وتم بناء عمارة جديدة، والناس سموها واطلقوا عليها: (عمارة الشمري)..
تمت..
عمارة الشمري
#فهد_حسن