منوعات

عمارة الشمري

وفات كام ساعة، ولقينا عم متولي رجع لوحده من غير ابنه الكبير، لكن ماحدش فينا سأله عن أي حاجة، بصراحة كفاية أوي اللي هو فيه، لكن ده كان ليوم واحد بس، لكن الفضول كان أكبر وحركنا، واقترح علينا جار من الجيران إننا نتجمع ونطلع نعزيه ونشوف إيه اللي حصل.

كنا 4 أشخاص بس، طلعنا خبطنا الباب وفتح عم متولي، رحب بينا ودخلنا شقته، وساعتها برضو حسيت إحساس غريب جدًا، برغم إن في حزن، إلا إنى لمحت بصيص فرحة في عينيه، وكإن دعوته اللي دعاها على شهاب اتحققت وربنا ريحه من الشيطان اللى كان مخلفه، وبعد ما سألناه عن اللي حصل بدأ عم متولي بالكلام:

_ بعد خناقتى معاه بسبب البنت اللى كان جايبها، نزل وغاب شوية ورجع لوحده، دخل أوضته على طول وقفل الباب على نفسه، بعدها بساعة بدأت أسمعه بيتمتم وبيهمس بكلام غريب أوي، وسمعت أصوات قلبك يتقبض لما تسمعها خارجة من عنده في الاوضة، لدرجة إني شكيت إن معاه حد فعلًا، رغم إني شوفته إنه رجع لوحده، قلقت أوي، وحاولت أفتح عليه باب الأوضة، لكن الباب كان مقفول من جوه، ولما لقيته ساكت وماتكلمش عن محاولتي لفتح الباب خوفت أكتر، فافتكرت إنه عمل حاجة في نفسه، كسرت الباب ودخلت عليه، لقيته واقف عريان تمامًا وجسمه كله أزرق وثابت مكانه زي الصنم، جريت عليه بسرعة وغطيته بملاية، وأنا ماعنديش أي إجابة ولا تفسير للي بيحصل، وأخدته نيمته على السرير وهو متخشب ومابيتحركش، وفضلت أقرأ له قرآن، ووالدته ساعتها كمان دخلت، وبقا كل واحد فينا بيقرأ له في سره، وبعد ساعة بدأ يرجع لوعيه من تاني، وأول كلمة قالها لما فاق طردنا وقال: (اطلعوا بره، كنتوا هتموتوني بسبب تطفلكوا.)

كمل عم متولي كلامه وقال:

_ فات بعدها كام يوم، وكل ليلة بنسمع نفس الأصوات، وزاد إننا بقينا بنشم روايح وحشة جدًا خارجة من أوضته، حتى وصل بيه الحال إنه حتى مابقاش يخرج من أوضته يروح الحمام.. وفي الليلة اللى مات فيها؛ خرج الصبح، وانتهزت فرصة نزوله ودخلت أوضته أفتش فيها، كان قلبي حاسس إن في حاجة غريبة بتحصل، وفعلاً لقيت أجندة مذكرات صغيرة في الدولاب عنده، مكتوب فيها زي خواطر هو كاتبها، أو حاجة شبه المذكرات اليومية كده، لاحظت إن الكلام مش مترتب بطريقة صحيحة في كل الصفحات، لدرجة إني مش قادر أقرأ أي جملة مفيدة ليها معنى، مافيش غير هي جملة واحدة بس: (أنا في طوعك لا تقتلني).

فضلت أدور تاني، لقيت ورق مطبق مثلثات كده في هدومه، دي أحجبة اللي بتتعمل عند الدجالين، ولقيت مصيبة أكبر أكدت لي إنه ماشي في سكة الكُفر والدجل، لقيت عضم صباع إنسان جوه بطرمان إزاز، وعليه دم زفر وريحته مقرفة، ده غير إني لقيت في الإدراج دبابيس وإقفال، وصور فوتغرافيه بتاعته مقطعة حتت، وأحجار  عجيبة وبخور وعطارة، وحاجات ما يعلم بيها إلا ربنا.. ووقتها قررت إني أسيب كل حاجة مكانها، ولما يرجع أعرف بيعمل إيه بيهم.. ولما رجع دخل أوضته لثواني وخرج قال:

(النهاية قربت، وهترتاحوا مني، وهتبدل بحد أحسن مني، كان لازم بإيدي أخلص كل حاجة عشان الحقيقة تظهر).. طبعًا الكلام اللي قاله ماكناش فاهمينه، وهو ما اداش لحد فرصة يسأله ولا يكلمه، وبسرعة رجع دخل أوضته وقفل على نفسه لحد ما أخوه جه بليل، حاول يكلمه ماكنش في فايدة، ومارضيش يخرج يقابله، وسمعناه بيجر كرسي وبيزنق بيه الباب من جوه، فاضطر أخوه يدخل عليه الأوضه، ولأن الباب كان مكسور فأخوه زقه والكرسي وقع ودخل، فمسك في خناق أخوه وكان عايز يضربه، ولما ماقدرش، جري على المطبخ ومسك سكينة وكان عايز يقتل أخوه.. في محاولة من أخوه تفادي السكينة وشد وجذب باب الشقة كان مفتوح وخرجوا بره، ومرة واحدة هو وقع من بير السلم ومات، ده كل اللي حصل ليلتها، وبعدها روحنا النيابة ورجعت، بس الأغرب هو اللي حصل بعد ما رجعت، ساعتها فضلت أنا ووالدته قاعدين ساكتين وكل واحد في اللي مكفيه، فلقيت إن القاعدة كده مالهاش لازمة، ومش هتفيد بحاجة، فقولتلها قومي ننام، وهنستني تليفون من النيابة والطب الشرعي بميعاد الدفن، وابنك الكبير روح بيته ماتقلقيش.. ماردتش عليا وفضلت تبكي وقامت دخلت الأوضة، وأنا اتوضيت وصليت ركعتين، وفضلت ادعي لشهاب إن ربنا يسامحه، وبعدها جيت عشان أدخل أنا كمان الأوضة فلقيتها بتقول لي:

_ شهاب ماماتش

_ إزاي بس، أنتي بتقولي إيه؟

_ أنا بقولك ماماتش، اللي مات الشيطان، شهاب هنا كان لسه معايا وسابني ودخل أوضته.

_ شيطان إيه اللي مات، نامي يا حاجة واستهدي بالله، أنا عارف قلوب الأمهات، وربنا يصبرنا ويجمعنا بيه في مكان أحسن وأفضل اللهم آمين.

لقيتها يا اخوانا مصممة على كلامها وقالت لي:

_ يا متولي أنا ماتجننتش، يا حاج شهاب عايش وكان هنا معايا، وحكى لي كل حاجة.

فجأة سمعت صوت باب أوضته اتفتح، وبدأت أسمع صوت خطوات رجلين على الأرض خارجة من الأوضة عنده رايحة ناحية الحمام، وصوت باب الحمام بيتقفل.

خرجت من الأوضة براحة وأنا جسمي بيترعش، ولما بصيت ناحية الحمام بقيت هتجنن وخوفت أوي، لأني لقيت نور الحمام اللي أنا قافله بإيدي منور، وفعلاً الباب مقفول.. فضلت لثواني واقف متنح، واتفزعت مرة واحدة لما لقيت مراتي واقفة ورايا وبتقول لي:

_ صدقتني، شهاب ماماتش، هو اللي جوه في الحمام، اصبر وهتشوفه وهو خارج..

وبعد لحظات النور اتقفل وباب الحمام اتفتح، وسمعت نفس صوت الخطوات، حد خرج من الحمام ومشي لحد باب أوضة شهاب ودخلها والباب اتقفل قدامي، بس أنا مش شايف حد قدامي.. جريت فتحت الباب وكان النور مقفول، فتحت النور بسرعة؛ وللحظة أو ومضة كده سريعة، لمحت شهاب واقف قدامي وفجأة اختفى.

فضلت واقف مسهم ومذهول في مكاني، ومابقيتش عارف إيه اللي مفروض أعمله أو استوعبه، فقفلت النور تاني لا إراديًا، كإن كأن في حاجة بتؤمرني اطفي النور عشان يظهر تاني فاشوفه لأنه وحشني، عنينا دمعت لما طفيت النور وماظهرش، كان في جوايا حاجة بتقول لي إن شهاب حصل له حاجة كبيرة ومش مفهومة غيرته، وليه لا، يمكن فعلًا اللى كان عايش معانا ده شيطان مش شهاب، وإحنا ماقدرناش نفهم ده.. في النهاية اضطريت  أقفل الباب، وروحت مسكت ايد والدته ودموعنا مالية عنيا، وأخدتها عشان ندخل الأوضة بتاعتنا ننام، وساعتهاسمعت صوت شهاب بيقول: «أبويا».

التفاتنا بسرعة لإتجاه الصوت، ولقينا باب الشقة مفتوح والصوت جاي من بره، وفضل الصوت يردد نفس الكلمة، وصلت لباب الشقة، وساعتها شوفته، شوفت شهاب واقف في نفس المكان اللى وقع منه،  وقفت مكاني ماقدرتش أتحرك وأنا مذهول من إنه فعلاً واقف قصادي وأنا شايفه ومابحلمش ولا بيتهيأ لي، وقال:

_ ماقدرتش أغلبه، كان أقوى مني، سمعت كلامهم وأنا اللى خليته يجي عالمنا، وساعتها هزمني، وعاش جوايا وحولني للعبة في ايده وغيرني، حاول تصدقني يمكن تغلبه وتصرف شره، مش هقدر أظهر لك تاني، وإن حصل وظهرت فمش هكون أنا، حذر إخواتي، وحذر سكان العمارة بالذات، لأنه أصبح هنا ومش هيمشي، الحل في انهاء شره ماقدرتش اكتشفه، حاولوا تلاقوا الحل ده قبل فوات الأوان، قبل ما شره يسيطر ويقتل ويدمر ضحايا غيري، أنا آسف لأني مشيت وراه، أرجوك حذر سكان العمارة منه لأنه بقا هنا معاكم ووسطكم.

وفجأة رمى نفسه من بير السلم لما خلص كلامه، وجريت بصيت من السلم بس مالقيتش حاجة، اتبخر واختفى.. ولقيت مراتي بتزعق وبتصرخ وبتقول لي: _ حاسب.. حاسب يا متولي.

صوتها وتحذيرها خلاني اتحركت، يمكن سنتى واحد في اتجاه الباب، عشان ألاقي تكييف وقع من فوقي ونزل تحت مكان ما وقع شهاب،  الجهاز اللي بيكون أحياناً فوق الأسطح ده، تقريبًا المروحة بتاعت التكيف،  وما أعرفش ده إزاي وقع، ولا جه منين ولا حد رماه وكان قاصد يموتني.. لكن ساعتها لمحت فوق عند السطح خيال واقف مالوش ملامح واضحة، مجرد خيال وبعد لحظات اختفى..

انت في الصفحة 2 من 3 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل