منوعات

“رحلة : 709 : لا تنظر إلى النافذة” .  

شهق ورمى الكوباية فورًا، المياه—أو الدم—اتبعترت على الأرض، والمضيفة فضلت واقفة بنفس الابتسامة، ولا كأنها لاحظت اللي حصل.

حاول يتحرك، لكن جسمه بقى تقيل جدًا. إحساس كأن الهواء حواليه تقل، كأن الجاذبية زادت فجأة، أو كأن حاجة مش مرئية بتضغط عليه.

المضيفة مالت راسها ببطء، وقالت بصوت كان فيه صدى غريب:

“مش المفروض تكون هنا، شريف.”

قلبه وقع..

إزاي تعرف اسمه؟!

بص حواليه، لكنه فجأة أدرك إن الكابينة بقت مختلفة..

الإضاءة بقت باهتة أكتر، الركاب كانوا نايمين، لكن نومهم كان غلط. أجسادهم مالت بزوايا غير طبيعية، كأنهم دُمى مكسورة..

وأسوأ حاجة..

صدرهم ماكانش بيتحرك.

ماكانوش بيتنفسوا!

كانت الطيارة كلها ساكنة بشكل مرعب، كأنها فقدت روحها.

حاول يتحرك، لكن صوابع المضيفة لمست دراعه.

كانت باردة..

مش باردة، لا..

ميتة.

نشف ريقه وهو بيحاول يسحب إيده، لكنها شدته بقوة مش طبيعية.

قربت منه وهمست:

“لسه فاكر إنه كان حلم؟”

في اللحظة دي، حس بحركة جانبية..

بص بسرعة ناحيه الشبابيك، وحاجبه ارتفع بالرعب.

الكيانات..

الكيانات اللي شافها في الحلم..

كانت واقفة بره، لازقة في الزجاج، بصاله بعيون سودا متوهجة!

لكن المرة دي، كانوا كتير.

كل نافذة في الطيارة كان وراها وش، أو أكتر..

وكانوا “يبتسمون”.

إبتسامة عريضة..

إبتسامة جائعة.

وأسوأ حاجة..

الباب الجانبي للطيارة بدأ يتهز.

مش بهدوء..

بحدّة.

حد—أو “حاجة”—كان بتحاول تدخل!!!

شريف كان قاعد مكانه، أنفاسه مضطربة وقلبه بيدق بسرعة وهو بيحاول يستوعب اللي حصل. كان كل شيء طبيعي حواليه، كأن الكابوس اللي عاشه من لحظات ماكانش حقيقي.

بص حواليه.. مافيش أي أثر للمضيفة اللي كان شكلها مرعب، ولا للكيانات اللي كانت بره الطيارة. الباب الجانبي كان مقفول كويس، وكل حاجة كانت في مكانها.

لكنه كان متأكد إن اللي شافه ماكانش مجرد حلم!

إيده لمست الحزام اللي كان مربوط عليه بإحكام..

هو فاكر إنه كان بيتسحب ناحية الباب!

إزاي كل حاجة رجعت طبيعية؟

قبل ما يستوعب، سمع صوت الكابتن في السماعات الداخلية:

“السيدات والسادة، نعتذر عن الاضطراب اللي حصل من لحظات.. مرينا بمنطقة اضطرابات جوية مفاجئة، لكن الوضع مستقر الآن. شكراً لتحمّلكم.”

اضطراب جوي؟!

دي مش كانت مجرد اهتزازات.. دي كانت “كارثة” كادت تفتح باب الطيارة في نص الجو!

حاول يهدي نفسه، بس لاحظ حاجة تانية..

الراكب اللي كان قاعد جنبه—راجل في الخمسينات—كان بيبص له بنظرة غريبة، كأنه عارف هو شاف إيه.

وبصوت واطي، قال له:

“شافوك، مش كده؟”

شريف اتجمد.

“إيه؟!”

الراجل مال عليه شوية وقال بهمس:

“الكيانات اللي بره.. شافوك. وزي ما توقعت، حاولوا ياخدوك.”

ضربات قلب شريف زادت، وكل خلية في جسمه بقت متوترة.

“إنت بتتكلم عن إيه؟!”

الراجل ابتسم ابتسامة حزينة وقال:

“إنت مش أول واحد يحصل معاه كده.. الرحلات الليلية الطويلة دي أحيانًا بتخترق أماكن مش المفروض نقرب منها. أماكن بين عالمنا وعالم آخر.”

شريف حس بقشعريرة في عموده الفقري.

“عالم آخر؟ تقصد إيه؟!”

الراجل تنهد وقال:

“في حاجات عايشة حوالينا، حاجات مش المفروض نشوفها.. لكن أحيانًا، لما حد يبص في النافذة في التوقيت الغلط، في المكان الغلط.. هما اللي بيشوفوه. ومن اللحظة دي، بيحاولوا ياخدوه.”

شريف بلع ريقه وهو يهمس:

“بس.. أنا لسه هنا!”

الراجل هز راسه ببطء وقال:

“لإن في حد أنقذك.”

شريف كان هيصرخ من التوتر:

“مين؟!”

الراجل بص له بنظرة عميقة وهمس:

“الطيارة نفسها!”

شريف عقد حواجبه، مش فاهم.

“إيه؟!”

الراجل أكمل بهدوء:

“الطيارات.. خصوصًا اللي بتسافر في الجو لساعات طويلة.. كأنها كائنات حية. عندها وعي بطريقة ما، بتحس بالركاب اللي عليها. ولما بتحس إن حد منهم في خطر مش طبيعي.. بتحاول تحميه.”

شريف كان مش مصدق أي كلمة بيسمعها، بس في نفس الوقت..

كل حاجة كانت منطقية بطريقة مرعبة.

الاهتزاز العنيف اللي حصل قبل ما الكيانات تدخل.. الباب اللي اتقفل لوحده.. الجو اللي رجع طبيعي فجأة..

الطيارة نفسها منعته من الاختفاء!!!

قبل ما يقدر يتكلم، الراجل قال كلمة أخيرة:

“المهم دلوقتي.. إياك تبص في النافذة تاني الليلة دي.”

شريف حس بكلامه زي الطعنة في عقله..

ببطء، لف راسه ناحية النافذة..

وكانت هناك.

طَبعُ اليد.. عاد للظهور!!!

لكنه المرة دي، كان من “جوه” الطيارة!!!

شريف كان بيتنفس بصعوبة، عينيه متسمّرة على طَبع اليد اللي ظهر من جوه النافذة. كان جسمه متجمّد، عقله بيرفض يصدق اللي بيحصل.

بسرعة، لف راسه ناحية الراجل اللي كان بيتكلم معاه، لكنه ماكانش موجود!

الكرسي كان فاضي.

شهق، قلبه بيضرب بجنون. بص حواليه، حدف عينه على المضيفين، الناس، أي حد ممكن يكون شاف اللي هو شافه..

بس كل حاجة كانت طبيعية.

إلا هو.

مد إيده بحذر ولمس الزجاج بطرف صوابعه.. كان بارد جدًا، أبرد من اللازم.

وفجأة…

اليد المطبوعة على الزجاج “اتحركت”.

أصابعه اتفتحت أكتر، كأنها بتحاول تمسكه!

شريف سحب إيده فورًا، قلبه كان هيقف.

“إياك تبص في النافذة تاني الليلة دي.”

افتكر كلام الراجل، وحس برجفة عنيفة في جسمه.

بلع ريقه، وسحب الستارة بسرعة، قافل النافذة بإحكام.

ماكانش عايز يعرف إيه اللي وراها.

ماكانش عايز يشوف أي حاجة تانية.

فضل في مكانه، ضاغط على الستارة، رافض يتحرك، مستني الرحلة تخلص بأي شكل.

النهاية ..

1~ لو انت مكان شريف تتصرف إزاي في موقف زي ده ؟

2~ من وجهة نظرك تفتكر الطيارة وصلت وجهتها ؟

3~ شريف كان في حلم ولا حقيقة ؟

انت في الصفحة 2 من 2 صفحاتالتالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل