منوعات

      قصه سندريلا بقلم احمد محمود الشرقاوي

 

 

 

في الفترة دي كنا بننزل سوق الجمعة الكبير نشتري شوية حاجات لأنها بقت بتتاجر في كل حاجة، ملابس العرايس والأطفال والبلاستيكات والأجهزة الصغيرة وأدوات المطبخ، كل حاجة كنا بننزل نشتريها ونلف على البيوت نعرضها ونبيعها للناس وناخد فيها مكسب بسيط..

 

 

لحد ما كنا في مرة بنلف كالعادة في سوق الجمعة وكانت رجليا هت..موتني من التعب واللف، وده لأنها كانت بتلف السوق كله أكتر من مرة وتجيب أي حاجة تعجبها، لأنها الشهادة لله كانت شاطرة وبتعرف تبيع، بس مكنتش بشوف منها جنيه، ولأول مرة ألاقي نفسي بسرح وببص على المق..ابر اللي جمب السوق، مقا..بر مصر القديمة الضخمة، ازاي الأحياء عاملين كمية الدوشة دي وجمبهم الأم..وات، ازاي الناس في غفلة كبيرة أوي ومحدش حتى بيتأمل المكان اللي هيسكنوا خلال سنين قليلة بس، وفضلت سرحانة لحد ما شتمتني لأنها سبقتني قدام الناس، ولقيت نفسي ببص للمقابر تاني وبتمنى أمو..ت وارتاح، ولقيت نفسي بردد جوايا بدون وعي وبقول (حسبي الله ونعم الوكيل)..

 

في اللحظة دي بس لقتها بتزعق وقالتلي استني، بصيت قدامي لقيت راجل بتاع خُردة وقالتلي إنها عايزة الصندوق ده تشيل فيه الحاجات المتكسرة، جسمي اترعش لما شوفته، هشيله ازاي وأنا مش قادرة أتحرك، فاصلت مع الراجل في تمنه وفي الآخر طبعا شيلته غصب عني وفضلت أحسب الدقايق والساعات لحد ما قدرنا نرجع بيتنا مرة تانية، حطيت الحاجة ووقعت من طولي، كنت فعلًا مُجهدة وبمو..ت، ولأول مرة تقولي ادخلي ريحي لأنك تعبتي..

 

وأنا ما صدقت خدت الحاجة في أوضة البضاعة ومن تعبي سبت الصندوق في أوضتي واترميت على السرير، لحظات ولقتها خرجت من الشقة، أكيد نازلة تتكلم مع الستات عن اللي اشترته، ست عندها صحة غريبة ومبتتعبش، أنا مبحسدههاش والله أنا غلبانة، ومفيش دقايق وغرقت في النوم من شِدة التعب، بس بعد ما نمت بشوية بدأت أسمع حركة غريبة جمبي، مكنتش قادرة أتحرك بس الصوت كان بيزيد وأجبرني إني أقوم من مكاني، واتفاجئت إن الصوت جاي من الصندوق اللي متفتحش أصلًا، مديت إيدي ولسة هفتح الصندوق سمعت باب البيت بيتفتح ومرات أبويا بتدخل، وعشان متشوفنيش صاحية اترميت على السرير وكملت نوم..

 

وفي نومي شوفت حلم غريب أوي وواقعي بطريقة تخوف، شوفت بنت واقفة قدام سريري وبتطبطب عليا، ولقتها بتكلمني وبتقول (لما تشوفيني متخافيش) وصحيت من نومي وصوتها بيتردد في وداني، كانت الساعة تقريبا 12 بالليل ومرات أبويا نامت، وافتكرت الصندوق وقررت أفتحه عشان أشوف مصدر الصوت اللي كان بيخبط، وأول ما فتحته حسيت إن روحي هتخرج من مكانها، كان فيه عضم وجمجمة جوة الصندوق وشوية تُراب وبس..

 

حسيت وقتها برع..ب كبير بس مصرختش ولا طلع مني أي صوت، مجرد صمت، ولقيت الصوت بيتردد في ودني (لما تشوفيني متخافيش أنا مش هأذيكي) فتحت النور ولميت العضم بسرعة وأنا قلبي هيخرج من مكانه في كيس قماش وقفلته كويس، وفضلت طول الليل مش عارفة أعمل أيه، لحد ما نمت الصبح من كتر التفكير..

 

على الضهر صحيت على شتيمة وإهانة من مرات أبويا لأني نايمة لحد الضهر، ويمكن لأول مرة في حياتي أرد عليها الكلمة بكلمة، حاولت تضربني زقتها، معرفش ده حصل ازاي بس كان وكأنه بيحصل غصب عني، أو فيه حاجة بتجبرني أقاومها، غضبت وحاولت تضربني صرخت فيها عشان تخرج، ولقتها بتتوعد وبتقسم إنها هتمرمطني انهاردة..

واتصلت بأخوها وسمعتها بتقوله في التليفون

(تعالى عشان نربط البت دي ونربيها)

 

قفلت على نفسي باب الأوضة وأنا مرعوبة، كانت بتجيبه وأنا صغيرة وكان بيربطني بالحبل ويحبسني، وفضلت أترعش وأعيط كتير أوي، لحد ما من وسط دموعي شوفت أغرب حاجة في الدنيا، الدولاب اللي فيه كيس العضم بيتفتح وبتخرج منه البنت، واتحركت من قدامي بهدوء شديد وفتحت الباب المقفول بالترباس وخرجت..

 

فضل قلبي يدق بهيستريا شديدة وقفلت عليا الباب مرة تانية، وبعد دقايق سمعت صوت صرخة مكتومة، خرجت أجري لقيت مرات أبويا واقعة في الأرض ومش قادرة تاخد نفسها وبتستغيث، جريت ناديت على الجيران ودخلوا عليها، خدوها وجريوا على المستشفى واتصلوا بأخوها، وبعد ساعات وصلني خبر موت..ها بذبحـ ـة صدرية، ازاي ده حصل معرفش، وبعد ما اتغسلت واتكفنت لقيت نفسي بدون وعي بحط كيس العضم في الكفن عشان يتدفن في نفس قبرها لأنه مينفعش يفضل هنا..

 

واختفت مرات أبويا في لحظة من حياتي، اختفى العذاب والذل والإهانة واكتشفت إن ليا رصيد كبير في البنك معرفش عنه أي حاجة بسببها، أعمامي رجعوا واتكلموا معايا ولما لقوني كبيرة كفاية وبفهم من كم المرمطة اللي شوفتها في حياتي آمنوا عليا إني أعيش لوحدي والجيران قالوا هنراعيها ومش هنسيبها..

 

ربنا نجاني من أكتر إنسانة مؤذية في حياتي بطريقة أنا مش فهماها لحد دلوقتي، ولا أعرف مين صاحبة العضم ولا ليه جتلي بالطريقة دي، بس اللي شوفته في حلم وحيد بعد الأحداث دي إن البنت ماتت مقهورة بسبب ظلم مرات أبوها ليها، ده اللي شوفته، ازاي بقا حصلت المعجزة دي وجت لحد عندي الله أعلى وأعلم، بس المؤذي والمفتري ربنا هيسلط عليه حد يأذيه حتى لو كان من الجِن، وطالما ظلمت الناس يبقا استنا عقابك..

بقلم: أحمد محمود شرقاوي

………………

انت في الصفحة 2 من 3 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل