(قصه حقيقيه)
من فترة كبيرة، حصلي موقف مش قادر أفهمه لحد دلوقتي.
ورغم إن الليلة دي عدت، بس كل أما أفتكرها جس.مي بيقش.عر، وبحس بر.عشة في ضهري كأني عايشها تاني.
اللي هحكيه دلوقتي مش تأليف، ومش حلم… دي حاجة حصلت بجد، ولسه لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها.
كان يوم عادي جدًا.
خلصت شغلي وكنت مر.هق ومش شايف قدامي، وكل اللي كان في دماغي إني أوصل البيت وأنام.
روحت على الشارع الرئيسي عند الموقف بتاع الأتوبيسات اللي دايمًا بركب منه، واستنيت نفس الأتوبيس اللي باخده كل يوم، ولما جه، طلعت عليه بسرعة، ولقيت مكان فا.ضي جنب الشباك في الكرسي التاني من ورا، قلت يا بختي!
ده نادرًا أما بيحصل والاقي مكان فاضي.
قعدت واتنهدت حاسس بارتياح.
وإحنا ماشيين، الأتوبيس بدأ يتملي.
وكل محطة كان ناس بتطلع، لحد ما بقى زحمة جدًا، وفي ناس وقفت ومسكوا في المواسير اللي فوق، وفي وسط الزحمة دي، طلع راجل في الآخر، كان لابس قميص كاروهات أحمر في إسود، وبنطلون جينز، وجزمة باينه متهالكة وقديمة.
فاكره كويس علشان كان شكله مختلف، لا متضا.يق من الز.حمة، ولا مستعجل.
واقف كده بهدوء كأنه في حتة لوحده.
بعد شوية، السواق قال إن الكاوتش بدأ يفضي ومحتاج يغيره، وطلب مننا ننزل علشان مفيش حد ينفع يفضل جوه وقت تغيير الكاوتش.
نزلنا كلنا، ورحت أنا وقفت على جنب في الضل، وسندت ضهري على عمود وأنا مغمض عنيا.
قولت يمكن لما نركب تاني، الناس تفتكر أماكنها وكل واحد يرجع مكانه.
وأنا واقف، لمحت الراجل اللي لابس القميص الكاروهات واقف قريب مني، بس كان غريب، سرحان وباصص بعيد جدًا كأنه مش موجود معانا، حسيت بشوية قلق من ناحيته، بس طنشت.
ولما السواق نادى علينا نركب، جريت علشان أرجع مكاني، لكن اتفا.جئت إن الراجل ده سبقني وقعد في نفس المكان اللي كنت قاعد فيه.
حسيت بض.يق وخا.نقه، مش علشان خد مكاني، بس علشان الكل احترم مكانه إلا هو.
فكرت أعا.تبه، بس قولت هو شخص أكبر مني، وأنا كنت مر.هق، فقلت خليني ساكت، ووقفت ماسك في الماسورة زي غيري.
الدنيا كانت ماشية عادي، لحد ما فج.أة… حصل صوت خبطة عنيـ،ـف.
شاحنة نقل كانت ماشية بسرعة دخلت فينا من ورا.
الصوت كان مر.عب، زي صوت الحديد وهو بيتكـ،ـسـ،ـر، والناس كلها بتصـ،ـرخ.
الأتوبيس اتشقلب، والإزاز اتكـ،ـسـ،ـر، وأنا حسيت إني بتخبط في كل حتة، ونفسي اتقطـ،ـع.
لحظة كلها تراب، صويت، وصـ،ـريح، ووجــــــــ،ع.
ولما الأتوبيس وقف، نزلت وأنا مش مصدق إني لسه عايش.
بصيت ورايا على المكان اللي كنت قاعد فيه… كان متد.مر تمامًا، كله حديد متني وإزاز مكس.ور.
قلبي و.قع، لو كنت قاعد هناك… ماكنتش هابقى هنا دلوقتي.
أول حاجة فكرت فيها: الراجل اللي خد مكاني!
جريت أبص عليه، كنت خا.يف ألاقيه مـ،ـصـ،ـاب أو متعـ،ـور أو الأسوء… يكون مـ،ـات.
دورت عليه بين الناس، بس… مكنش موجود.
سألت الناس حواليا:
“فين الراجل اللي كان لابس قميص كاروهات؟ حد شافه؟”
بس الكل كان باصصلي باستغراب، ومفيش حد كان فاكر إن فيه راجل موجود بالشكل ده أصلًا.
الناس اللي كانوا واقفين جمبي قالولي إنهم ما شافوش حد بالمواصفات دي، وأنا كنت مش مصدق… ازاي؟!
أنا شوفته، شوفته بعنيا.
فضلت واقف ساكت، وعينيا بتد.مع من الر..عب والذ..هول، ساعتها حسيت بحاجه غريبة… برد رهيب مسك في ضهري.
لو ماكنش الراجل ده قعد مكاني، أنا كنت زماني النهاردة مش موجود.
والمكان اللي هو قعد فيه… اتحول لخر.دة.
من وقتها، وأنا مقتنع إن الراجل ده ماكانش بني آدم عادي. مستحيل، يمكن كان ملاك، أو روح، أو حتى حاجة من عالم تاني… جايه مخصوص علشان تنقذني.
ومن ساعتها، كل مرة بركب نفس الأتوبيس، ببص في وشوش الناس… يمكن يطلعلي تاني. بس ما شوفتوش أبدًا من ساعتها.
يمكن خلص مهمته… وأنقذ الشخص اللي كان المفروض ينقذه.
اللي هو… أنا.
… النهاية