منوعات

المرآة_العجيبه

#المرآة_العجيبه

_______________( قصة كاملة)_________________

شاب متزوج له طفلة صغيرة ويعيش حياة تكاد تكون هادئة لولا تنغيص أم زوجته عليه إسمه زيدون فبعد وفا.ة زوجها وانتقالها للعيش معهم في بيتهم اصبحت حماته تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتهم

وكان زيدون يلتزم جانب الصبر وكظم الغيظ في تعامله معها إحتراما لها ومن أجل خاطر زوجته ولكنه يخشى أن يأتي اليوم الذي تتحطم حدود صبره وينف.جر في وجهها خصوصا وأنها فيما يبدو تدفعه بأعمالها الخب.يثة الى ذلك

أي أنها تتعمد إفتعال الشجارات معه حتى ييادلها بالمثل لكي تلجأ بعد ذلك الى الخطة البديلة وهي أن تمثل دور الضحية المستضعفة التي يظلمها زوج ابنتها من أجل أن تشوه سمعته تلك السمعة الطيبة التي اشتهر بها بين الناس حسدا من عندها

إحتار زيدون في امر حماته ودعا الله أن ينجيه من شرها ويخلصه من ورطتها لكن مصدر قلق زيدون الأكبر لم يكن حماته بل شقيقيه من جهة أبيه سمحون و رحمون

فبالرغم من طيبة زيدون وعطفه إلا أن شقيقيه كانا على العكس من ذلك تماما

فلقد أظهرا القسوة والشدة إتجاهه منذ صغره دون سبب يذكر وتآمرا عليه كلاهما وكأنه عدوهما وليس أخيهما

وكانا يتحينان الفرصة دائماً لإيذائه والنيل منه

وبالمقابل كان زيدون يدعو لهما دائما بالهداية ورقة القلب

وكان للإخوة الثلاثة عم وحيد فاحش الثراء كان الشقيقان يصلانه باستمرار طمعا في ثروته

أما زيدون فكانت زياراته لتوكيد صلة الرحم وقد استمرت تلك الزيارات حتى بعد مرض العم واشتداده عليه في الوقت الذي انقطعت عيادة الشقيقين له لأنه في آخر أيامه أصبح لا يميز أحدا

فلم يجد الشقيقان جدوى من زيارته مادام لا يميزهما تاركين أمر العناية به لزيدون وحده

وبعد موت العم تمت قراءة وصيته فاكتشف زيدون أنه قد ترك كل أمواله وأملاكه الى شقيقيه مناصفة

بينما ذكر زيدون لحسن التطواني في نهاية الوصية قائلا :

وأترك لإبن أخي العزيز على قلبي زيدون المتعلقات التي تركتها في غرفة العليا القديمة هي من حقه وأرجو منه أن يستعملها بحكمة كما فعلت أنا والسلام

ولدى سماعهما الوصية انفجر الشقيقان بالسخرية والإستهزاء من زيدون في الوقت الذي حلقا فيه من الفرحة بحصولهما على كل شيئ حتى أن زوجة زيدون بكت لخروجه صفر اليدين وانتقدت العم لأجل ذلك فلم يرض زيدون عن قولها

فقالت :أنت من احببته حقا واعتنيت به لوحدك حتى آخر لحظة من حياته وهكذا يجازيك ؟

إبتسم زيدون في وجهها وقال :لم أفعل ذلك لأجل ماله بل لصلة الرحم قربة الى الله تعالى

ثم من يعلم فقد يكون ماله سببا في تعاستنا والله بحكمته قد أزاحه عن طريقنا لسبب لا يعلمه إلا هو سبحانه فينبغي أن نحمد الله على كل حال وأن لا نعترض على مشيئته

وقبل تسليم محتوياتها قام الشقيقان بتفتيش محتويات غرفة العلية في بيت العم تفتيشا دقيقا فلعل العم قد خبأ فيها كنزا لزيدون فإذا وجداه استوليا عليه

لكنهما لم يعثرا على شيئ باستثناء بضعة قطع من الآثاث القديم المتهالك المغطى بالغبار ونسيج العناكب

فنزلا من الغرفة العليا وهما يسعلان من الغبار وتحسرا على ضياع وقتيهما من أجل لا شيء

ثم طلبا من زيدون الذي كان ينتظرهما في الأسفل أن يصعد ويأخذ نفاياته من الغرفة ويخلصهما منها على حد قولهما

فصعد زيدون وأفرغ محتويات الغرفة والتي كانت عبارة عن قطع آثاث تتحطم بين يديه كلما رام رفعها لقدمها

وفي نهاية الغرفة وضعت هناك مرآة كبيرة مغطاة بملاية بيضاء

أزاح زيدون الملاية فظهرت المرآة العتيقة ذات الإطار المصنوع من خشب الأبنوس وقد بهتت صورتها بسبب الغبار المتجمع على سطحها الصقيل

كانت المرآة هي القطعة الوحيدة السالمة من الضرر فحملها زيدون ونزل فاستقبله أخواه بالسخرية قائلين :نعم هذا هو الشيئ الوحيد الذي تركه لك عمك لتنظر فيها طوال الوقت إلى أفشل فاشل وهو أنت هههههه

أوصل زيدون المرآة الى داره فتلقته حماته بالتقريع والكلام المسموم وهي تخبره أنه رجل لا خير فيه ولا نفع ولا جدوى إلى درجة أن عمه إستخسر فيه حتى العظام التي يرميها لكلابه وترك له فقط نفايات منزله …

فتجاوزها زيدون دون ان يرد عليها ووضع المرآة في غرفة معزولة في داره نظر زيدون الى المرآة بحزن نظرة طويلة ثم تركها وخرج وهنا لمع في وسط المرآة وهج غريب لم ينتبه إليه زيدون سرعان ما خبت

كان لزيدون دكان لبيع الخضار يسترزق منه

في احد الأيام زاره سمحون في محل عمله دخل وجلس داخل المحل فقال له زيدون ما الذي جاء بك؟

فاجاب ما هذا يا أخي أهكذا تستقبل أخاك عموما لقد جئت لأشتري منك وهذه نقودي جاهزة

أخرج سمحون من صرة نقوده عدة دنانير دفعها لأخيه ثم أخذ يتخير من الفواكه المعروضة أمامه

إستمر سمحون بزياراته تلك إلى دكان زيدون لعدة أيام يشتري ويدفع ثم يرحل

لكن زيدونا لم يكن ليثق بسمحون فكان كلما جاء وجلس في دكانه يشرع زيدون بمراقبته لعلمه أنه خبيث السريرة يلدغ وينسل كالأفعى

وفي أحد الأيام جاء الحرس الى دكان زيدون وأبلغوه بأن يخلي الدكان خلال أربعة وعشرون ساعة تمهيداً لبيعه الى تاجر آخر

ذهل زيدون لما سمع وسألهم عن السبب فأجابوه أن عقد ملكية الدكان بحوزة القاضي الآن ومثبت فيه تنازل زيدون عن الدكان لمصلحة سمحون

اسرع زيدون يريد استخراج عقد الملكية من خزانة الدكان فلم يعثر عليه

فصدق حدسه حول سمحون ونجاحه بسرقه العقد خلال زياراته المتكررة للدكان مستغلا لحظة غفلة واحدة فقط

أخذ زيدون يلوم بنفسه بسبب طيبته الزائدة وعدم قدرته على طرد سمحون منذ أول زيارة له لدكانه

فعاد الى منزله واتجه مباشرة الى غرفة المرآة دون أن يكلم أحدا جلس هناك والألم يعتصر قلبه فكيف سيخبرهم أنه سيخسر غدا مصدر رزقه الوحيد

نظر الى المرآة ثم مسحها بكف يده ليحصل على رؤية أفضل وقال :هل أنا فاشل حقاً يا عماه أهذا ما تريد قوله لي

وهنا وأمام ذهول زيدون سطع ذلك الوهج الغامض مجددا في المرآة

ثم ظهرت صورة لوجه فتاة في المرآة 😳😳😳😳

ذعر زيدون وتراجع خطوتين الى الوراء فناداه الوجه قائلا :لا تخاف مني أيها الأنسي الطيب

قال زيدون والخوف يكاد يعقد لسانه مممممم من أنتي ؟

قال الوجه بتودد :أنا جنية طيبة وألقب بسيدة المرايا وأنت من المحظوظين القلائل الذين أظهر لهم كي أحقق لهم رغباتهم

ارتاح زيدون لكلامها وانبسط وقال هل فعلاً تحققين الرغبات

بلى لكني لا أحقق سوى ثلاث رغبات من أشد رغباتك إلحاحا على نفسك أي يجب أن تكون مستحقا فعلا لها كي أحققها لك

أطرق زيدون قليلا ثم قال :أريد أن استعيد دكاني فأنا على وشك أن أخسره غدا

وهنا اختفت الصورة عن المرآة وظهرت مكانها صورة زيدون وهو يمسك بطاقية غطاء للرأس

نظر زيدون إلى يديه فوجد نفسه يمسك فعلا بطاقية فذهل وتعجب من أين أتت هذه الطاقية

وضع زيدون الطاقية على رأسه فلم يعد يرى نفسه لا في المرآة ولا في الحقيقة لحسن التطواني خلعها فظهر من جديد وضعها فاختفى فعلم أن تلك التي بين يديه ما هي إلا طاقية الإخفاء تلك الطاقية التي كان يعتقد أنها مجرد اسطورة

في صباح اليوم التالي انطلق زيدون ناحية منزل المرحوم عمه والذي أصبح ملكا لسمحون وطرق الباب ثم ارتدى طاقية الإخفاء فلما فتح الخادم الباب لم يجد أحدا نظر يميناً ويسارا ثم عاد الى البيت وأغلق الباب

لكن الذي حدث هو أن زيدون ولج الى البيت كنسمة الهواء دون أن يشعر به الخادم اتجه زيدون الى غرفة سمحون الذي كان نائماً فدخلها وانتظر

فلما نهض سمحون وخرج عمد زيدون الى الى دولابه ففتحه وأخرج منه عقد ملكية البيت وانصرف من ساعته نحو مجلس القضاء وهناك وضع طاقيته ايضا فاختفى ودخل الى غرفة القاضي

كان القاضي جالسا يحرر بعض الأوراق فوقف زيدون أمامه دون ان يشعر به القاضي أو يراه بتاتا

ثم خرج القاضي وأقفل الباب خلفه وزيدون في الداخل فقام الأخير فورا بتفتيش مكتب القاضي حتى عثر على صك الملكية الخاص بدكانه فخبأه في طي ملابسه

وهنا دخل القاضي وبرفقته سمحون وهما يضحكان ثم سمع سمحون وهو يقول للقاضي :لولاك يا سيادة القاضي لما استطعت الحصول على دكان زيدون الغبي

قال القاضي :لدي أساليبي كما تعرف فبحكم منصبي فأنا أعرف عدد من أمهر المزورين الذين قاضيتهم سابقا وهم من قاموا بتغيير صيغة العقد لصالحك

بارك الله فيك يا سيدي إسمح لي الآن أن أحضر شاهبندر التجار والشهود وسأعود فورا

كان الدم يغلي في عروق زيدون وهو يستمع الى المؤامرة المحاكة ضده فقرر الرد بسرعة وحزم

خرج سمحون فيما جلس القاضي على مكتبه وهنا شعر القاضي فجأة بيد تضغط على رقبته من الخلف ثم شاهد ورقة تخرج من العدم وتنفرش أمامه على المكتب

التفت القاضي فلم يجد أحدا لكنه مازال يشعر بالضغط الشديد على رقبته فامتلئ رعباً حتى سمع صوت يقول له :

لقد وضعت أمامك سند بيت سمحووون هيا حرره بأسم أخيه زيدون حالاً وأبطل بيع دكانه وإياك أن تتحدث حول هذا الأمر وإلا سوف آتيك في الليل وأنغص عليك معيشتك مفهوووم ؟؟؟

طأطأ القاضي برأسه موافقاً والخوف 😦😦😦😦😦😦يكاد يأكل أركانه

دخل سمحون رفقة شاهبندر التجار وبعض الشهود ثم دخل زيدون وهو مرئي كونه لا يضع طاقيته فقال له سمحون :لقد جئت في وقتك يا زيدون تماما قبل انقضاء أربعة وعشرون ساعة من مهلتك كي تشهد تخليك عن دكانك لمصلحتي ..

ضحك زيدون وقال :ما هذا الهراء الذي تتفوه به إنما جئت لأستلم مفاتيح بيتك أنت

ذهل سمحون وفتح فمه من الدهشة من رد زيدون القاصف ثم التفت الى القاضي وقال له بتوتر :هيا يا سيادة القاضي أخرج سند الدكان وأكمل إجراءات البيع

رد القاضي وجبينه يتصبب عرقا :آسف لا أجد عقد الدكان

صرخ سمحون :ماذا تعني بأنك لا تجده لقد سلمته إليك البارحة

أجاب القاضي بانزعاج :قلت لك إنه ليس معي لا يوجد أمامي هنا سوى عقد بيتك أنت وهو محرر وجاهز للبيع للسيد زيدون بالسعر المحدد

تعاظمت دهشة سمحون وصاح بيتي أناااا وكم السعر المحدد

قال القاضي :عشرة دنانير

أطلق سمحون ضحكة مسعورة وصاح :لابد أنك تمزح معي أليس كذلك ؟

أنا القاضي وأنا لا أمزح

نظر الشاهبندر الى العقد وقال :العقد صحيح وصيغته لا غبار عليها لحسن التطواني وأنا وهؤلاء السادة نشهد أن بيت سمحون قد أصبح من حق زيدون نظير المقابل المادي المقدر بعشرة دنانير فقط لا غير

وهنا لم يعد سمحون يحتمل أكثر فانفجر بوجه القاضي قائلا :أيها القاضي المخادع لقد رشوتك لتقوم بتحويل دكان زيدون إلي وإذا بك تفعل العكس وتسلمه بيتي يا غبي

انتفض القاضي ونادى الحرس ليقبضوا على سمحون بينما سمحون مستمر بشتم القاضي واتهامه بالرشوة .فحكم عليه القاضي بالسجن بتهم التشهير بالقاضي وازدراء مجلس القضاء

وهكذا انقلب السحر على الساحر كما يقولون وعاد زيدون الى داره مظفرا وبيده ملكية بيت عمه دخل الى غرفة المرآة ونظر إليها بفخر فأدرك شيئاً مهما لقد حرمه عمه من الميراث وترك له فقط هذه المرآة حتى ينتبه إليها ويستعملها بحكمة لأنه لو أعطاه جزءاً من التركة لانشغل بالمال ولما التفت الى هذه المرآة العتيقة الملقاة في الغرفة

هنا ترحم زيدون كثيرا على عمه وعاهده أن يكون عند حسن ظنه به وفي تلك الاثناء كانت حماة زيدون تقوم بزيارة شخص مريب يقوم سرا بممارسة أعمال السحر الشيطاني

وبعد أن اختلت بذلك الساحر قالت له :أريدك أن تفعل لأجلي أمرا واحدا أن تخلصني من زيدون زوج ابنتي الجميلة حتى أقدر أن أزوجها الى رجل أكثر ثراءا

قال الساحر :هذان أمران لا واحد الأول أن أخلصك من زيدون والثاني أن أجعل ابنتك تتزوج من الشخص الذي تفضلينه

قالت نعم هذا ما قصدته أيها الساحر العظيم

أطرق الساحر برهة وقال الأمر صعب صعب جدا

قالت أرجوك أيها الساحر أنا مستعدة لفعل أي شيئ

قال إسمعي إذن هل له أولاد ؟

قالت له بنت صغيرة تدعى شيماء

قال أحضري شيماء معك عندما تأتي في المرة القادمة وسأقر عينك بما طلبتي

أبدت المرأة قلقها من إحضار شيماء

فقال الساحر :لا تخشي شيئا لن يحدث لها مكروه وستعود في نفس اليوم معك إطمأني

عادت الجدة وأغرت حفيدتها للقدوم معها الى حيث الساحر

دخل الساحر الى غرفة مظلمة وجعل يقوم بطقوس غريبة لغرض الإتصال بالشياطين فيما انتظرت كل من شيماء وجدتها في غرفة أخرى

وما هي إلا لحظات حتى شعرت الإثنتان برائحة قوية جعلتهما يشعران بالدوخة ثم تفقدان الوعي

وعند منتصف الليل إستيقظت الجدة على نباح الكلاب وهي تلعق وجهها ففزعت ووجدت نفسها مرمية وسط مزبلة المدينة فأصابها من الرعب ما لا يعلم مبلغه إلا الله

فقد تيقنت الجدة أن الساحر قد خدعها لاستدراج حفيدتها شيماء وخطفها فبكت بشدة فأخذت تصرخ صراخا حتى بدأ أن يؤدي بها إلى الجنون فلن ينفعها أي شيء الأن

عند منتصف الليل إستيقظت الجدة من وعيها على نباح الكلاب وهي تلعق وجهها ففزعت ووجدت نفسها مرمية وسط مزبلة المدينة فأصابها من الرعب ما لا يعلم مبلغه إلا الله فقد تيقنت الجدة أن الساحر قد خدعها لاستدراج حفيدتها شيماء وخطفها فبكت بشدة فأخذت تصرخ صراخا كاد أن يؤدي بها إلى الجنون حتى سمعها القاصي والداني وهبوا لنجدتها فأخبرتهم بعنوان بيتها

وهنا جاء إليها زيدون وقال :حماتي ماذا تفعلين هنا لقد بحثنا عليك في كل مكان أين شيماء ؟

لم تدرِ الجدة بما تجيب فقد تيقنت أن الساحر قد خدعها لاستدراج حفيدتها شيماء وخطفها فبكت بشدة وقالت :

لصوص داهمونا فجأة ونحن في طريق العودة الى البيت

قال هل رأيتيهم ؟

قالت لم أتعرف إلا على واحد

أعطت الجدة مواصفات الساحر مدعية أنه لص خاطف ولم تأتي على ذكر زيارتها لمقره بل قالت :أخذونا أولا الى بيت ما حيث خدرونا هناك ثم استيقظت لأجد نفسي في هذه المزبلة

قال واين يقع ذلك البيت ؟

قادتهم الجدة الى بيت الساحر فاقتحموه فلم يعثروا على أحد لقد كان المنزل فارغا فسقطت الجدة أرضاً وأخذت تبكي وتلطم وجهها

عاد زيدون من فوره واتجه الى المرآة العجيبة فوقف أمامها وقال :أريد ابنتي إنها في العاشرة فقط لابد أنها مرعوبة الآن أريد أن أستعيد شيماء فورا

هنا تبدلت صورة زيدون على المرآة لتظهر مكانها صورة شيماء وهي مقيدة في غرفة مظلمة

صاح زيدون مدهوشا على ابنته حتى إنه من جزعه عليها مد يد ليمسكها فإذا به يتفاجئ بحدثٍ عجيب فلقد اخترقت ذراعه سطح المرآة وكأن المرآة معبر الى عالم آخر

استجمع زيدون شجاعته وألقى بنفسه داخل المرآة فإذا به يجد نفسه داخل الغرفة الظلماء جنبا الى جنب مع ابنته

فركض إليها والأرض لا تسعه من الفرحة فحررها من قيدها وقبل رأسها واحتضنها ثم سألها عن حالها فأخبرته بكل ما جرى معها من لحظة اصطحاب جدتها لها وسماعها لترانيم الساحر المخيفة حتى غيابها عن الوعي

غضب زيدون وقال إذن فجدتك هي رأس البلاء وسبب المصائب لقد عرفت أنها كانت تكذب

كانت الغرفة التي فيها الإثنان عبارة عن قبو فيه سلم طويل يؤدي الى باب موصد من الخارج ففكر زيدون بطريقة أخرى للخروج وهنا سمع زيدون صوت رجلين خلف الباب يتحدثان

قال الرجل الأول :لقد نجحت في اختطاف الفتاة إبنة أخيك حسب رغبتك

قال الثاني :أحسنت ولك مني مكافئة عظيمة أرني إياها الآن

ذهل زيدون تماما فلقد تعرف على الصوت الثاني إنه صوت أخيه رحمون لا غير أما الصوت الأول فلابد أنه صوت الساحر

وهنا سمع زيدون صوت مفاتيح تفتح باب الغرفة فسارع الى ارتداء طاقية الإخفاء وانتظر قرب الباب

دخل الساحر يتبعه رحمون فقام زيدون فوراً بدفع الساحر بشدة فاسقطه بعنف على السلالم وكاد أن يدق عنقه لولا أنه تلقى الأرض بساعده فانكسرت ذراعه

إلتفت الساحر مغضبا نحو رحمون وقال صارخا تحاول إغتيالي بعد أن نفذت مطالبك يالك من خسيس جبان حتى أنا لست بهذه الخسة

قال رحمون والدهشة تكاد تعقد لسانه لا أعرف ما الذي حصل ولكني لم ألمسك أقسم على ذلك

صاح الساحر إخرس وتكذب أيضا لا يوجد أحد خلفي سواك سأنتقم منك بكل ما لدي من سحر

أخرج الساحر من جعبته كيس وأخذ ينثر من رماده على رحمون وهو يتمتم بصوت مخيف فصاح رحمون :

كلا لا تفعل لن أدعك تسحرني

ركض رحمون هابطا نحو الساحر وتصارعا معا فاستغل زيدون الوضع وأمسك بيد ابنته وصعدا السلم بسرعة ثم خرجا من المنزل

ولما أصبحا في الشارع خلع زيدون طاقيته وشاهد دوريات من الحرس وهم يجوبون الطرقات بحثا عن الفتاة المخطوفة شيماء فاسرع إليهم زيدون وأخبرهم أنه والد الفتاة وقد عثر عليها مقيدة داخل هذا البيت وأشار إليه

فطوق الحرس البيت وشرعوا بالنداء بعالي الصوت على الخاطفين بتسليم أنفسهم وهنا انفتح باب البيت وخرج منه رحمون وهو يشهر سيفه ويمشي مشية غريبة جدا

ناداه قائد الحرس بضرورة إلقاء سيفه وتسليم نفسه لكن رحمون واصل المشي نحو الحرس وهو يلوح بسيفه دون أن يتكلم أمام ذهول الجميع

ركض رحمون هابطا نحو الساحر وتصارعا معا فاستغل زيدون الوضع وأمسك بيد ابنته وصعدا السلم بسرعة ثم خرجا من المنزل ولما أصبحا في الشارع خلع زيدون طاقيته وشاهد دوريات من الحرس وهم يجوبون الطرقات بحثا عن الفتاة المخطوفة شيماء فاسرع إليهم زيدون وأخبرهم أنه والد الفتاة وقد عثر عليها مقيدة داخل هذا البيت وأشار إليه

طوق الحرس البيت وشرعوا بالنداء بعالي الصوت على الخاطفين بتسليم أنفسهم وهنا انفتح باب البيت وخرج منه رحمون وهو يشهر سيفه ويمشي مشية غريبة جدا ناداه قائد الحرس بضرورة إلقاء سيفه وتسليم نفسه لكن رحمون واصل المشي نحو الحرس وهو يلوح بسيفه دون أن يتكلم أمام ذهول الجميع

آنذاك رماه حارس بسهم فأصاب فخذه لكن بدا إن رحمون لم يتأثر أو يطلق صرخة وجع بل واصل المسير

فرماه الحارس بسهم آخر اخترق ساقه الثانية فواصل

رحمون المشي أمام ذهول الجميع والدماء تشخب من ساقيه

حينها أمر قائد الحرس قناصيه بالتصويب على صدره والإطاحة به هنا تدخل زيدون صارخا ووقف بين النبالين وبين أخيه ومنعهم من قتله

فأمره قائد الحرس بالتنحي لكن زيدون رفض التحرك وقال :

ألا ترون أنه مستحوذ عليه من قبل روح شريرة بفعل الساحر ؟

ثم التفت الى أخيه وقال رحمون هذا أنا زيدون أخيك ألم تتعرف إلي ؟

رفع رحمون سلاحه فبلغت القلوب الحناجر وظن الجميع أنه سيضرب زيدون لحسن التطواني لكن كف رحمون تجمدت في الهواء لحظات في الوقت الذي يعيش فيه رحمون صراعا داخليا عصيبا بين أن يقتل أخاه أو يتغلب على الشيطان في داخله ..

وأخيرا خرج من رأس رحمون ما يشبه البخار الأبيض فسقط السيف من يده ثم انهار على الأرض فتلقاه زيدون بين ذراعيه واستدعى له الرعاية الطبية اللازمة

غص الزقاق بالعشرات الذين حضروا ليشهدوا عملية إلقاء القبض على الساحر المحصور في ذلك البيت ومن ضمن الذين جائوا حماة زيدون التي خشيت على نفسها من الفضيحة في حالة القبض على الساحر حيا

وفعلا فقد تم إخراج الساحر مقيداً من داخل البيت فتصرفت العجوز بسرعة وهجمت على الساحر وهي تحمل سكينا وتصرخ قائلة خاطف قذر كيف تفعل هذا بنا

وأغمدت سكينها في عنق الساحر فقتلته لكنه قبل أن يموت نظر إليها وابتسم متمتماً بعدة كلمات قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ..

وهنا دخل ذلك البخار الأبيض في مناخير الجدة وفي عينيها وأذنيها فانتصبت كالمصعوق ثم أخذت تجري بسرعة رهيبة لا تصدق مقارنة بعمرها

فجرى الجميع خلفها محاولين اللحاق بها حتى بلغت العجوز جسراً فألقت نفسها من فوقه وغاصت في النهر

سبح بعضهم نحوها واستخرجوها من النهر لكن بعد فوات الأوان فقد غرقت العجوز وتحولت الى جثة هامدة

بعد إسعاف رحمون تم نقله الى السجن بتهمة المشاركة في عملية الإختطاف وهناك وضع في زنزانة مشتركة مع شقيقه سمحون وبعد يومين تم استدعاء زيدون الى السجن لزيارة أخويه بسبب رغبتهما في رؤيته ..

وهناك تحدث معه الأخ الأكبر سمحون بعاطفة جياشة واعتذر إليه كثيرا بأسمه وبأسم شقيقه رحمون وذرف دموع الندامة أمامه ثم قال لقد تأثرت كثيرا عندما سمعت أنك قد جازفت بحياتك لتنقذ رحمون من نبال القناصة هذا عمل نبيل حتى أنا لم أكن لأفعله ..

وكدليل على صدق اعتذارنا فقد إتفقت مع رحمون على التنازل لك عن نصف ثروة عمنا وسنكتفي أنا ورحمون بالنصف الباقي وأذا أردت التأكد فعقود التنازل جاهزة في مكتب القاضي نأمل أن تسامحنا يا أخي فقد أسأنا لك كثيرا

لم يعقب زيدون بأكثر من أن قال :إن كنتما صادقين في ندمكما فالله تعالى أولى وأحق بهذا الندم فتوبا إلى الله وصفيا قلوبكما إليه وافتحوا معه صفحة جديدة لعله سبحانه يتوب عليكم أما أنا فمن جانبي قد عفوت عنكما لعل الله يعفو عني يوم لا ينفع مال ولا بنون ..

عاد زيدون الى مرآته العجيبة نظر إليها أراد أن يطلب أمنيته الأخيرة لكنه توقف ثم رفع ملاءة بيضاء وغطى المرآة وقال :

لدي الآن كل ما أتمنى لدي العائلة والأخوة والمال ولدي الصفاء وراحة البال فماذا أطلب أكثر من ذلك

أتمنى أن لا أضطر إلى التمني مرة أخرى…

***النهاية***

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل