منوعات

لعنة الترعة

 

 

الجزء الأول: الليلة اللي بقت كابوس

اللي عدّى من هنا بيحلف إنه سمع صوت زغاريد طايرة في الضباب… بس ماكانش فيه فرح! اللي سمع الأغاني وشاف الأنوار، اختفى بعدها… واللي نزل يدور، ماطلعش!

الليلة كانت فرح… والزفة كانت ماشية وسط الطريق الزراعي، عربية مزينة بالورد الأبيض والأحمر، نورها بيبرق في الضلمة، والأغاني كانت مغطية على كل الأصوات العريس كان فرحان، ماسك إيد عروسته، وهي عنيها بتلمع بالدموع من الفرحة، الناس حواليهم بيضحكوا، بيغنوا، بترموا ورد وحبّات أرز على العربية، كله كان عادي… لحد ما قربوا من الترعة

العربية دخلت على الكوبري الصغير اللي فوق المية، والسواق كان شغال مهرجانات على أعلى صوت فجأة، نور العربية بدأ يتهز، زي ما يكون فيه حاجة غلط العجل اتزحلق! جسم العربية مال على جنب، والسواق صرخ وهو بيحاول يسيطر على الدريكسيون بس العربية كانت عنيدة، بتتزحلق أكتر، أقرب للترعة لحظة واحدة، وكل حاجة اتحولت لصراخ الناس واقفة مشلولة، بتتفرج على العربية وهي بتنقلب في المية زي حجر نزل في بئر عميق ضلمة، وسكون… ولا صوت غير صوت الموج اللي بيرتج، وبعدين… هدوء تام

الناس جريت، رجال الغطس جم، الأهالي جابوا حبال وحاولوا يشدّوا أي حاجة من المية، بس الترعة كانت ساكتة، باردة، كأنها بلعت كل حاجة لا جثث، لا صوت، لا حتى فقاعات تطلع تقول إن فيه حد تحت! العربية اختفت، والعروسة والعريس اختفوا معاها، الليلة اللي كانت فرح… بقت جنازة من غير نعوش

بعد يومين، الأهالي بدأوا يقولوا إنهم سامعين أصوات جايّة من عند الترعة بالليل أصوات ناس بتصرخ، وأغاني زفة شغالة جوا الضباب في واحد صياد قال إنه وهو ماشي جنب المية شاف نور عربية طالع من القاع، والعروسة قاعدة جواها، مبتسمة، لكن عنيها كانت سودا تمامًا زي حفرة مالهاش آخر الأهالي قالوا يمكن دي تهيؤات، خوف، صدمة لكن أول حد اختفى… كل حاجة اتغيرت

الشاب اللي كان راجع من الشغل بالعجلة، قال لأهله إنه معدّي من جنب الترعة وشايف عربية زفة جوا المية، أنوارها شغالة كان بيحكي وهو بيضحك، وقال يمكن حد بيهزر ولا حاجة بعدها بساعتين، كان مختفي أهله دَوّروا عليه في كل حتة، راحوا للغفر، للشرطة، للغواصين الترعة طلّعت لهم إجابة واحدة… الصمت!

ومن هنا بدأت اللعنة!

يتبع…

الجزء الثاني: لعنة الترعة

بعد ما الولد اختفى، البلد كلها قلبت الدنيا عليه غطاسين نزلوا يدوروا في الترعة، الأهالي لفّوا الشوارع، الشرطة سألت كل اللي كان معدّي من هناك لكن مافيش أي أثر، كأنه تبخر! الناس بدأت تتكلم بصوت واطي، يقولوا إن الترعة دي مش طبيعية، وإنها مش مجرد مية… دي مقبرة مفتوحة بتاخد أرواح اللي يقرب منها

وفي وسط كل ده، بدأت الحكايات الغريبة تزيد مرة واحدة ست كانت ساكنة في عمارة وشها على الترعة بتقول إنها كل ليلة بتسمع صوت زغاريد طالعة من تحت، بس زغاريد مش عادية… زغاريد حزينة! كأن في حد بيتجوز وهو عارف إنه رايح للموت في نفس الوقت جوزها قال لها إنها تهيؤات، لكن لما صحت مرة الساعة تلاتة الفجر، ونزلت عشان تشرب مية، وقفت عند البلكونة وبصت تحت… شافت واحدة لابسة فستان فرح أبيض، واقفة على وش المية!

الست فضلت مبرّقة عنيها، مش قادرة تتحرك، وهي شايفة العروسة دي بتقف بهدوء، شعرها مبلول ونازل على وشها وفجأة، العروسة رفعت راسها وبصتلها كان وشها مشوّه، عيون سودا غويطة، وابتسامة مرعبة كأنها بتتحداها الست صرخت، وقعت على الأرض، وجوزها جري يشوف في إيه، لكنها كانت في حالة هستيرية… من ساعتها، ماخرجتش البلكونة تاني، ولا حتى بقت تنام بالليل لوحدها

لكن مش دي الحكاية الوحيدة اللي حصلت فيه ناس بيحلفوا إنهم شافوا عربية الزفة بتعدي وسط الضباب ببطء، أنوارها بتلمع، وصوت أغاني الأفراح بيطلع منها لكن لما يقربوا منها… بتختفي فجأة! في واحد سواق ميكروباص قال إنه شافها قدامه مرة، وكانت ماشية ببطء حاول يسبقها، لكن لما عدّى جنبها وبص جواها، لقى العريس والعروسة قاعدين جواها، بس وشوشهم كانت سودة، وعنيهم فاضية، زي ما يكونوا ميتين من زمان بعدها، العربية اختفت، والميكروباص بتاعه اتقلب على جنب الطريق… ومن يومها، هو عنده شلل نصفي!

وفي يوم، حصلت الحادثة اللي أكدت إن اللعنة حقيقية كان فيه صياد كل يوم بيروح الترعة يصطاد، ماعندوش أي اعتقاد بالخرافات ولا بيخاف من الكلام ده لكنه وهو واقف، حس بحاجة مسكت رجله لما بص تحت، لقى إيد طالعة من المية ومسكاه! الإيد كانت باردة وزرقة، صوابعها طويلة وأظافرها غارزة في جلده حاول يفلت منها، لكن الإيد كانت قوية… وسحبته فجأة الناس اللي سمعوا صرخاته جريوا، لكن لما وصلوا، ماكانش فيه غير صنارته وطاقيته اللي طافيين على المية بعدها بنص ساعة، جثته طلعت لكن مش غرقان… كان وشه عليه علامة كأن حد ضغط عليه بكل قوته وكتم أنفاسه!

ومن يومها، الناس بقت تخاف تقرب من الترعة بالليل وكل ما الليل ييجي، الزغاريد تبتدي… والمية تفضل تهمس بأسامي الضحايا اللي لسه مستنيين حد جديد ينضم ليهم!

لكن ده لسه مش آخر حاجة حصلت…

يتبع…

الجزء الثالث: العروسة اللي راجعة من الموت

البلد كلها كانت عارفة إن الترعة دي مسكونة، وإن أي حد يعدّي من عندها بعد المغرب، يا إما هيشوف حاجة، يا إما هيختفي وماحدش يشوفه تاني لكن رغم كل الحوادث اللي حصلت، كان فيه واحد اسمه “حامد” بيقول إن الكلام ده كله خرافات وإن الحاجات اللي بتحصل مجرد صدف ليلة واحدة، قرر يثبت للناس إنهم عايشين في وهم، وإنه هيعدّي من عند الترعة بالليل لوحده… وفعلاً، الناس شافته وهو ماشي جنب المية، ماسك كشاف صغير وبيضحك، بيقول: “فين العفاريت؟ فين العروسة؟ مافيش غير مية وهدوء… هو ده الرعب بتاعكم؟!”

لكن وهو بيتمشى جنب الكوبري الصغير، لاحظ حاجة غريبة الضباب بدأ يزداد، الهوى بقى تقيل كأنه بيرفع جسمه لفوق فجأة، سمع صوت زغاريد… مش زغاريد فرح، لا… زغاريد حزينة، صوتها بيجي من جوه المية حامد وقف مكانه، عرقه بدأ يسيل وهو بيبص حوالين الترعة، لكن ماكانش فيه حد فجأة، ظهر قدامه ضوء ضعيف طالع من المية! ولما ركّز، شاف… شاف عربية زفة واقفة في القاع، أنوارها بتلمع، وكأنها لسه عايشة جواها، كان فيه حركة! كان فيه حد بيتحرك… العروسة!

طلعت من المية ببطء، فستانها الأبيض كان مشقوق ومبلول، شعرها نازل على كتفها وعنيها كانت سودا تمامًا، بدون أي ملامح حامد وقف متجمد، جسمه مش قادر يتحرك، نفسه اتقطع لما العروسة رفعت إيدها وأشارت عليه، وبعدين… ابتسمت ابتسامة مكسورة، كأنها بتقوله: “تعالَ… دورك جيه!”

وفجأة، سمع صوت خبط جامد، حس بأرضية الكوبري بتهتز تحت رجله الترعة كلها بدأت تتحرك، كأن المية بتغلي، كأنها بتتفتح وتستعد تبلعه صرخ، جرى بأقصى سرعة، وقع على وشه، قام، وكمل جري من غير ما يبص وراه

لما وصل للناس، كان وشه أبيض زي الميت، مش قادر يتكلم، كل اللي قاله: “العروسة… العروسة راجعة!”

في الليلة اللي بعدها، حاجات غريبة بدأت تحصل بابور الجاز اللي عند بيت “حامد” طفى لوحده أصوات زغاريد كانت بتسمعها أمه في البيت، كأن في فرح جوا الحيطان، لكن مافيش حد كان فيه خربشات ظهرت على باب بيته، وورقة مكتوب عليها: “العروسة ماخلصتش فرحها!”

وفي الليلة التالتة، “حامد” اختفى!

لا باب بيته مفتوح، لا في صوت، ولا أي أثر ليه كل اللي لقوه… هدومه مبلولة عند باب الترعة! ومن يومها، مافيش حد شافه تاني، ومحدش عرف حصل له إيه

لكن الليلة اللي بعدها، واحدة من ستات البلد، وهي راجعة من بيت أهلها، شافت حاجة عند الكوبري كانت عربية زفة واقفة… وعروسة لابسة أبيض جواها بس جنبها… كان فيه حد قاعد، وشه مبلول، وجسمه ناشف زي الجثة الست فضلت تبص، والدمعة نازلة من عنيها، وهي بتهمس: “ده كان حامد!”

ومن ساعتها، كل اللي بيعدّي من عند الترعة بيسمع صوت زفة في الضباب… لكن ماحدش بيشوف مين جوه العربية! الترعة ما زالت بتاخد أرواح… ولسه العروسة مستنية حد جديد!

النهاية… أو يمكن لأ!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل