
الساعة 10 صباحا شفت على التليفزيون خبر حريق بمبني الشركة اللى شغّال فيها جوزي ، مكنتش عارفة إنْ الحريق جرحر كل حاجة غير لمّا رحت الشركة وشفت منظر الجثث المتفحمة وسيارات الإسعاف منتشرة في كل مكان ، رجال الإسعاف ورجال الشرطة وأهل المتوفين والمصابين في كل مكان ، الشركة كبيرة وفيها عدد كبير من الموظفين زى ما كان بيقولي جوزي ، وبعد ساعات عرفت إنْ اسم جوزي ضمن قائمة الوفيات ، مش هنسي طول حياتي جثته لمّا استلمناها من المستشفي ، كل حاجة فيه كانتْ متفحمة لدرجة إنْ أخواتي كانوا رافضين أكشف وجهه وأنظر له نظرة الوداع ، وبعد 3 أيام خلص العزا ، كنت سهرانة وأنا مش مستوعبة إنّي فقدت رفيق حياتي وأبو بنتي اللى كان جوزي وأبويا وأخويا وكل حياتي ، وفجأة لقيت إشعار جاى من فيس بوك ، فتحت التليفون ولقيت إشعار رسالة عبر ماسنجر ، لمّا شفت الرسالة اتصجرحت ، الرسالة كانتْ من أكونت جوزي ، الرسالة كان مكتوب فيها
( أنا كويس ) .
رميت التليفون على الفراش بعد ما حسيت إنْ قلبي هيقف من الرعب ، وبدأتْ بقعة سودا تتسع قدّام عيني ، وكنت على وشك فقدان الوعي ، نهضتْ بصعوبة وشغّلت قران في الشقة وأنا خايفة أفتح التليفون تاني ، حاولت أمسك التليفون تاني بس كل أما أقرّب منّه ألاقي إيدي تترعش ، بعد ساعة من سماع القران أقنعت نفسي إنّي بتوهم ؛ لأنْ اللى حصل ده مستحيل يحصل ، بعد ساعة كمان وبالتحديد الساعة 2 بالليل قدرت أسيطر على أعصابي وأمسك التليفون ، فتحت رسايل الماسنجر ، ولقيت أكونت جوزي ( أوف لاين ) ، ايوه كده صح ، ماهو استحالة يعني يحصل كده ، بس لاحظت حاجة ، لاحظت إنْ مكتوب على رسايل الدردشة إن أخر ظهور لجوزي كان من ساعتين ، ودا معناه فعلا إنْ جوزي كان ( أون لاين ) لمّا بعتلى الرسالة ، كنت هتجنن ، لدرجة إنّي دخلت على الصفحة الشخصية للأكونت اللى بعتلى الرسالة ، وكان الأكونت فعلا بتاع جوزي ، أنا معرفش الباسورد بتاع جوزي ؛ لأنّي مكنتش بدخّل نفسي في خصوصياته ، وكمان العلاقة بينا كان كلها ثقة وحب واحترام ، وجوزي أصلا مكنش يفهم في النت أوي وكان كل تركيزه في شغل الشركة ، المهم فضلت صاحية لحد الصبح ، وتاني يوم الصبح اتصلت بأخويا الكبير؛ لأنّه هو الوحيد اللى حضر استلام الجثة وقام بالإجراءات بتاعت إستلام الجثة والدفن ، وهو الوحيد اللى شاف وش جوزي وهو ميت ، قلت لأخويا في التليفون :
ـ أنتَ شفت وجه نادر بعد الوفاة ؟
أجاب :
ـ وحدي الله بقا وحاولي تصبري على فراقه وتنجرحجي في حياتك وبلاش تفكري نفسك بأي تفاصيل .
قلتُ :
ـ طيب أنتَ متأكد إنّه اللى مات يبقي نادر مش حدا تاني ؟
قال بعد ما ظن أنه أصابني الجنون :
ـ يابنتي مش كده بلاش تخلي الذهول تعمل فيكي كده … أنا قلتلك تعالى أقعدي عندي وأنا ومراتي نشيلك فوق راسنا لحد ما تشدي حيلك وانتى اللى أصريتي إنّك متسبيش شقتك .
_
أخويا كان شاكك إنني اتجننت وبخرف ، وأنا مترددة أقوله على اللى حصل ولا لاء ، ولو قلتله اللى حصل احتمال ييجي ياخدني دلوقتي أعيش عنده واحتمال يوديني لدكتور نفسي ، للأسباب دي قررتُ إنّي مقلش حاجة ، وأقنعت نفسي إنْ اللى حصل مجرد تهيؤات ، وبعد ما خلصت المكالمة مع أخويا حذفت تطبيق الفيس بوك من تليفوني .
قضيت اليوم عادي بس وأنا بالليل بدأتُ أسترجع الموقف المرعب اللى حصل وجالى فضول أنزل تطبيق فيس بوك تاني ، ونزلت التطبيق وفتحت فيسبوك وعملت تسجيل دخول وفتحت الرسايل اللى كانت بيني وبين جوزي وكتبت جملة :
ـ أنت مين ؟
بس الأكونت كان أوفلاين ، دخلت الأوضة التانية واطمنت إنْ بنتي نايمة ، بنتي الوحيدة كان عمرها 4 سنين ، وكان قلبي بيتقطع لمّا كانت بتسألني وتقولي ( بابا هيرجع امتي ) ، المهم دخلت المطبخ وعملت كوباية شاى ورجعت لأوضتي وفتحت التليفون ودخلت على الماسنجر علشان ألاقي أغرب رسالة ، زي ما قلتلكم قبل ما أدخل المطبخ كنت كتبت وسألته أنتَ مين ، ولقيت الرد مكتوب ، الرد كان مكون من كلمتين خلو الجرح يتجمد في عروقي ، كان مكتوب :
ـ أنا جوزك .
يتبع
الفصل الثاني
، الرد كان مكون من كلمتين خلّوا الجرح يتجمد في عروقي ، كان مكتوب : :::: ـ أنا جوزك .
رعشة إيدي كانتْ بتزيد بس قدرت أكتب :
ـ أنتّ فين ؟
_
أجاب عن طريق الكتابة :
ـ مش مهم … المهم أنا عايز فلوس .
بصيت حواليا في الأوضة وكتبت :
ـ بس المفروض أنتّ ميت .
كتب :
ـ مش ميت … أنا عايش … وهظهر بس في الوقت المناسب .
ساعتها حسيت بخيال ماشي في الصالة ، حسيت بعرق بسيط على جبهتي وتقلّصتْ معدتي ونهضتُ في رعب ، ولعت كل أضواء الشقة وشغّلت قران ، دخلت أوضة بنتي واطمنت إنّها نايمة ، رجعت لأوضتي ومسكت التليفون اللى سبته على الفراش ، بس لقيته أوف لاين .
تاني يوم الصبح كنت أنا وبنتي في بيت أخويا إيهاب ، وإيهاب معاه سلسلة محلات لبيع الفواكه والخضروات ، وله اسمه في السوق ، تعليمه بسيط بس ربنا فاتح عليه ومشغّل معاه ناس كتير ، المهم قلتُ لإيهاب على كل اللي حصل ، ووريته الرسايل اللي بتوصلني من أكونت جوزي ، لمّا عرف الحكاية وشاف الرسايل وقرأها كذا مرة حسيت إنّه مش عارف يتكلم من الذهول ، علشان كده قلتُ :
ـ اللى دفنّاه ده مش نادر جوزي .
قال وهو بيحاول يتذكر شيء ما :
_
ـ مُغسّل المشرحة لمّا كشف وش نادر الله يرحمه كانتْ ملامحمه مش موجودة … الوش متشوه والجلد متساقط بسبب الحريق … بس المغسل لمّا قلتله على الاسم وأخد منّي بطاقتي سلّمني الجثة اللى دفناها ، ولمّا حاولتُ أكشف باقى جسد المرحوم لقيت المغسل بيرفض وقالي إنْ دا تعدي على حرمة الميت ؛ لأن كل الجثث ملفوفة بشاش قماش تحت الكفن بسبب الجلد اللي بيستاقط ، وأنا مكنتش حابب أحكيلك التفاصيل دي ورفضت إنّك تشوفي وجه المرحوم نادر في لحظات الوداع الأخيرة .
قلتُ وأنا مركزة في كل كلمة بيقولها :
ـ عاوز تقول ايه يعني ؟
أجاب في بطء :
ـ اللى عايز أقوله إنْ فيه واحد زميل المرحوم اسمه نادر برضه … جايز نكون استلمنا جثة نادر زميل جوزك .
قلتُ في تعجب :
ـ بس دا مستحيل … أكيد أنتَ استلمت متعلقات جوزي مع جثته .. مثلا بطاقته ..تليفونه … هدومه …
قاطعني قائلا :
ـ هدوم إيه يا نادية! … بقولك النار أكلتْ الجلد واللحم .. متنسيش إنْ الانفجار بدأ من الطابق اللى فيه مكتب المرحوم نادر .. يعني كل اللى نجوا كانوا في الطابق الأرضي والتاني ؛ لأنّهم بعيد عن مصدر الانفجار … دا كلام رجال الأمن .
قلتُ :
_
ـ طيب ممكن يكونوا غلطوا في الأسماء وحطوا اسم جوزي في قائمة المتوفين وهو تبع المصابين .
أجاب :
ـ تسليم الجثث كان بيتم بشكل سريع .. كانوا ما بيصدقوا إنْ حد يتعرف على جثة ، علشان عرفت من أحد الضباط إنْ مدير الأمن والوزير ، ووزير الصحة كانوا مشددين إن تسليم الجثث يتم بسرعة قبل ما الصحافة تصور حاجة والتحقيقات كانتْ لسه مبدأتش .
قلتُ :
ـ طيب أنتَ شايف إيه ؟
أجاب :
ـ شايف إنْ اللى دفناه هو جوزك الله يرحمه … ولو فعلا إدارة المستشفي غلطت وهو تبع المصابين أكيد كنا عرفنا … متنسيش إنْ الحادثة فات عليها 5 أيام .
تركتُ بنتي سحر عند إيهاب أخويا وتوجهت إلى قسم الشرطة ، مكنتش معرفة إيهاب إنّي رايحة قسم الشرطة ، وهناك الضابط أبدى اهتمامه لمّا حكيت له الحكاية ووريته الرسايل اللى بتوصلني من أكونت جوزي ، والضابط قال :
ـ بصي يا مدام نادية … موضوع استخراج الجثة وتشريحها دا مستحيل لو حضرتك بتلمحي لكده … كل الجثث ماتتْ لنفس السبب الحرق والذهول العصبية … الموضوع مفهوش شبهة إزعاج … التحقيقات كلها دلوقتي في ازاى حصل الحريق وإيه سببه … أمّا اللى بيكلمك على الفيس فأكيد واحد لقى تليفون جوزك وعايز ينصب عليكي في كام جنيه .
لم أرد ، والضابط نظر نحوي ولمّا شاف حيرتي وقلة حيلتي قال :
_
ـ أنا مقدّر الحالة اللى انتي فيها … ربنا يصبرك … بس اللى أقدر أعمله إنّي أعملك محضر إزعاج أو ابتزاز إلكتروني لو حابة .
قلتُ :
ـ طيب ولمّا أعمل محضر إزعاج إلكتروني هتعملوا إيه بعد كده ؟
أجاب :
ـ انتي اللى هتعملي .. انتى هتجاريه فى الكلام طالما هو طالب منك فلوس لحد ما تعرفي الطريقة اللى هيستلم بيها الفلوس … لأن الطريقة هتكون إمّا تحويل بنكي أو انستاباي أو فودافون كاش أو تسليم يد ليد … ساعتها تسيبي الباقي علينا .
قلتُ :
ـ طيب عاوزه أشوف كشوف المتوفين والمصابين وأقابل المصابين .
ابتسم هاني بيه وقال :
ـ الأسماء في كل مكان .. تقدري تشوفيها على النت فى صفحة وزارة الصحة ووزارة الداخلية… لكن تقابلي المصابين لازم صفة قانونية …دا غير إنْ عدد المصابين كبير … ومش كلهم في مستشفي واحدة … مجموعة في القصر العيني والباقي فى مستشفيات ( الجرحرداش ـ سيد جلال ـ الرحمة ـ مصطفى محمود ) دا غير بعض الأهالي اللى طلبوا نقل مصابينهم لمستشفيات خاصة .. وأكيد فيه عدد لا بأس به من المصابين خرجوا دلوقتي لأن حروقهم كانتْ من الدرجة التالتة .
قلتُ بتوسل :
_
ـ أنا هدوّر بنفسي بس محتاجة مساعدة حضرتك .
فكر قليلا ثم أشعل سيجارة وقال :
ـ خلاص ده رقمي … عند كل مستشفي كلميني واديني موظف الأمن وأنا هتصرف .
خلال 3 أيام كنت مسحت كل المستشفيات ، اى مستشفي أروحه كنت بدخل على موظف الأمن مباشرة وأكلم هاني بيه اللى بدوره كان بيكلم موظف الامن اللى كان بيطلعني على أسماء المصابين اللى مازالوا محجوزين وكنت بطلع أبص عليهم من شباك حجرات المستشفي ، وكنت في مستشفي الجرحرداش فاقدة الأمل لمّا شفت الاسم قدامي ، اسم ( نادر سعيد التاجي ) ، لم يكن الاسم سوي اسم جوزي ، معني كده إنْ جوزي عايش ومحجوز هنا في المستشفي ، طيب ازاى منعرفش ، وازاى جوزي مطلبش من المستشفي إبلاغنا بوجوده هنا ، المهم بسرعة أخرجتُ صورة من قائمة المتوفين وبدأتُ أقرأ الأسماء من الاول ، وعند الاسم رقم 9 دقات قلبي ازدادتْ تسارعا لمّا قرأت اسم ( نادر سعيد الناجي ) ، ايوه كده مظبوط ، اللى تم دفنه هو نادر سعيد الناجي مش التاجي ، ونادر سعيد التاجي جوزي عايش ومحجوز هنا فى المستشفي ، اللى كتب الاسم في قائمة المفقودين كتب التاجي بدل الناجي ودا اللى جاب اللخبطة دي ، طلبتُ من موظف الأمن يطلع معايا ، كنت متوترة وكل أعصابي شاردة منّي وأنا بصعد للطابق الرابع في المستشفي ، ولمّا موظف الأمن دخل قدامي لغرفة المرضي لقينا الفراش عليه واحده ست ، موظف الأمن مال ناحية الممرضة المقيمة وقال :
ـ الحالة تبع هاني بيه رئيس مباحث حدايق القبة .
وأكمل كلامه قائلا :
ـ مش هنا كان محجوز الأستاذ نادر سعيد التاجي .
قالتْ الممرضة :
ـ هو كان مصاب تبع حريق شركة المجمع ، بس المريض هرب .
قلتُ بلهفة :
_
ـ هرب ازاي ؟
أجابتْ :
ـ مكنش فى النبوتجية ( موعد العمل ) بتاعتي …أنا كنت في وقت راحتي .
قلتُ :
ـ طيب هو اسمه نادر سعيد التاجي ؟
أجابتْ :
ـ المفروض .
قلتُ في توتر وتوتر :
ـ ازاى المفروض ؟
أجابتْ :
_
ـ هو متحول هنا باسم نادر سعيد التاجي …بس هو كان فاقد الذاكرة ومكنش فاكر اسمه ولا عنوانه ولا أي حاجة عن نفسه .
قلتُ بعجرحا ابتلعت ريقي :
ـ أوصفيه :
لمّا الممرضة وصفته كانتْ بتوصف كل مواصفات زوجي .
يتبع ….
الفصل الثالث.
لمّا الممرضة وصفت الشخص اللى هرب من المستشفي كانتْ بتوصف جوزي ، سرحتُ فى خواطري وفضلت أفكر ، ـ جوزي أثناء الحريق تم نقله هنا باسم واحد تاني عن طريق الخطأ ، ـ واحنا استلمنا جثة نادر تاني غير نادر جوزي ودفناها بالخطأ ، ـ جوزي فقد الذاكرة ومكنش فاكر لا اسمه ولا عنوانه ولا أهله ، وهرب لمّا صحته تحسنت .
دا أقرب سيناريو منطقي للى حصل ، والمفروض دلوقتي ألاقي جوزي ، أخدت تقرير من إدارة المستشفي يفيد إنْ ( نادر التاجي ) جوزي كان محجوز هنا في المستشفي لمدة 6 أيام قبل هروبه ، وقبل ما أمشي شفت ست متقجرحة في السن بتعيط ومتعصبة وعمّاله تشتم وتصرخ في وش كل الممرضات ، الست قالتْ إنْ ابنها محجوز هنا من 6 أيام وإدارة المستشفي لم تخبرها ، بدأ يسود الهرج والمرج والممرضات اتجمعوا وبقية موظفين الأمن حضروا وحاولوا يهدوا الست اللى عمالة تصرخ وتزعق ، كنت معاهم بحاول أهدّى في الست ، وعرفت منها أنها أم نادر الناجي اللى استلمنا جثته ، لمّا الممرضة قالتلها :
ـ يا هانم اللي بستألي عنّه مش ابنك .
قالتْ السيدة في هستريا :
_
ـ ابني نادر الناجي …وأنا هرفع عليكم قضية .
مكنتش عارفة أقول إيه ، لو قلتلها إنْ نادر الناجي ميت من أسبوع الست ممكن تروح فيها ؛ علشان كده انسحبتُ وأخدت زاوية وبدأتُ أتابع اللى هيحصل ، السيدة كانت لسه بتزعق والممرضات بيحاولوا يهدّوا فيها مع موظفين الأمن لحد ما مجموعة من الأطباء حضروا وأمروا موظف الأمن بإخبار مدير المستشفي ، وبعد دقائق شفت موظف الأمن بيأمرنا جميعا بالتوجه لمكتب مدير المستشفي ، ساعتها تليفوني رن وقرأتُ اسم
( هاني بيه ) اللى قال :
ـ عاجبك يا مدام نادية الشوشرة دي .
فضلنا قاعدين في مكتب مدير المستشفي نص ساعة لحد ما وصل هاني بيه اللى نظر لي نظرة عتاب ، وبدأتْ السيدة تحكي اللى حصل معاها :
ـ أنا بقالي 6 أيام بدور على ابني مش لقياه ، اسمه مش موجود في قائمة المتوفين ولا قائمة المصابين ، لحد ما بدأتُ أدوّر عليه بنفسي فى المستشفيات وعرفت امبارح إنّه محجوز وفاقد الذاكرة ، كانوا رافضين أشوفه لأنّي معنديش دليل إنه ابني ، ولمّا قدرت أدخل المستشفي عرفت إنّه هرب ، يعني دا إهمال وتقصير .
هاني بيه قال :
ـ نفس الكلام بتقول مدام نادية ، بتقول إن اللى كان محجوز هنا يبقي جوزها وإنها شاكة في الجثة اللى استلموها إنّها مش جثة جوزها .
مدير المستشفي قال :
ـ ياحضرات اللى تم دفنه اسمه نادر الناجي و…
_
وقبل ما يكمّل كلامه قاطعته صرخة من السيدة :
ـ ابني ممتش يا دكتور ..ابني هو هرب من المستشفي ، واللى مات هو نادر التاجي مش الناجي …أنا قرأت قوائم الأسماء ومتأكدة من كلامي .
مدير المستشفي قال :
ـ حاليا اللى قام برصد للجثت والمصابين وكتب الكشوف بيتحقق معاه بسبب إنّه بسبب الضغط اللى كان عليه كتب نادر التاجي في قائمة المتوفين رغم إنّه مصاب .
السيدة قالتْ :
ـ المصاب هو نادر الناجي مش التاجي .
مدير المستشفي قال :
ـ طيب كده الموضوع عند هاني بيه .
بعد يومين كان الموضوع وصل للنيابة اللى أمرتْ بفحص سرير الشخص الهارب علشان تعمل تحليل dna بس للأسف ملقيتش أي حاجة ، ساعتها النيابة أخدت أقوالي أقوال إيهاب أخويا وأقوال السيدة كوثر وأقوال الممرضات وأخيرا وكيل النيابة أمر باستخراج الجثة .
تاني يوم كنت أنا وإيهاب والسيدة كوثر قدّام المشرحة في انتظار تقرير الطبيب الشرعي ، فضلنا منتظرين 5 ساعات لحد ما أخيرا تم استدعائنا لمكتب مدير المستشفي اللى كان فيه هاني بيه والطبيب الشرعي ووكيل النيابة ، ساعتها كنت ببص على فم وكيل النيابة بترقب وبتركيز وهو بيقول الجملة المنتظرة :
_
ـ تبين أنّها جثة نادر الناجي 27 سنة أعزب ، الموت اختناق بسبب حريق من الدرجة الأولي .
وهنا السيدة كوثر فقدتْ الوعي .
بعد ساعة كنت أنا وهاني بيه بنوصل السيدة كوثر بعد ما فاقتْ إلى بيتها ، وأصريت إنّي أقعد معاها شوية ، الموضوع كان صعب عليها أوي ، وعرفت إنْ المرحوم هو ابنها الوحيد وكان عايش معاها في نفس الشقة ، فضلت أواسي فيها وقلتلها أنّى هكون معاها وإنّي زي بنتها وإنْ هاني ابن حلال ومش هيتأخر عنها في اى حاجة لو احتاجت اى مساعدة ، السيدة مكنتش عارفة ترد غير بجرحوعها ، وفضلت قاعدة معاها طول النهار لحد ما لقيتها تماسكت شوية وتركتها بعد ما وعدتها بزيارتها بشكل متكرر .