
ماذا قال موسى حتى أغناه الله بعد سقيا الماء
دعاء سيدنا موسى: “رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير”
في لحظة من لحظات الضعـ،،ـف البشري، عندما يضـ،،ـيق الحال وتُغلق الأبواب، لا يجد المؤمن ملجأً إلا ربه. هذا ما فعله نبي الله موسى عليه السلام، حين خرج من مصر خائفًـ،،ـا يترقّب، لا مال، لا مأوى، ولا طعام. ومع كل هذا، لم ييـ،،ـأس، بل وقف عند باب الله يدعو بكلمات خالدة أصبحت نبراسًا لكل من ضاق به الحال.
قصة الموقف العظيم
بعد أن خرج موسى عليه السلام من مصر هاربًا من بطش فرعون، اتجه نحو مدين، وهناك وجد مشهدًا مؤثرًا: رجال يسقون أغنامهم، وامرأتين تنتظران في حياء بعيدًا عن الزحام. فسألهما عن أمرهما، فقالتا: “لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير”.
بكل مروءة ونخوة، سقى لهما موسى عليه السلام دون انتظار مقابل، ثم انصرف إلى الظل، منهـ،،ـكًا جائعًا، وقال كلماته العظيمة التي خلدها القرآن الكريم:
“رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”
(سورة القصص – آية 24)
دعاء من قلب محتاج
هذا الدعاء لم يكن طويلاً، لكنه حمل في طياته الخشوع، والصدق، والانكسار بين يدي الله. لم يطلب شيئًا محددًا، بل عبّر عن حاجته إلى أي خير، أي رزق، أي طمأنينة، لأنه يعلم أن الخير من عند الله كله بركة وفضل.
الاستجابة السريعة
ما هي إلا لحظات، حتى جاءت إحدى الفتاتين تمشي على استحياء، تدعوه للقاء والدها – النبي شعيب عليه السلام – وهناك كافأه الله على صبره وإحسانه:
رزقه بالطعام والمأوى.
زوّجه من إحدى ابنتيه.
وعرض عليه العمل عنده لعدة سنوات.
هكذا جاءت الفرج بعد الدعاء، وجاء الغنى بعد الفقر، وجاء السكينة بعد التعب
دروس من هذا الدعاء
الصدق مع الله يفتح الأبواب المغلقة.
الخير لا يُشترط أن تطلبه بالتفصيل.. الله يعلم ما في القلوب.
النية الصالحة والعمل الطيب يُثمران رزقًا واسعًا.
الحياء والعفة والرجولة في المواقف تُكافأ عند الله.
دعاء موسى عليه السلام هو تذكير لكل مهموم وفقير ومتعب، بأن الطريق إلى الفرج يبدأ بكلمة صادقة من القلب.
فقل: “رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير”، وكن على يقين أن الله يسمع ويرى، وأن الخير قادم بإذنه.
قصة سيدنا موسى عليه السلام.. نبي الرحمة والنجاة
سيدنا موسى عليه السلام هو أحد أعظم أنبياء الله، وأكثرهم ذكرًا في القرآن الكريم. أرسله الله إلى فرعون وقومه لهدايتهم، وخصّه بكثير من المعجزات، وكان له شأن عظيم في التاريخ الإنساني والإيماني.
مولده في زمن الظـ،،ـلم
ولد موسى في زمنٍ طغى فيه فرعون وتجبر، وكان يقـ,ـتل كل مولود ذكر من بني إسرائيل خـ،،ـوفًا من زوال ملكه، بسبب نبوءةٍ تقول إن هلاكه سيكون على يد غلام من بني إسرائيل.
لكن الله حفظ موسى بمعجزة، فأوحى لأمه أن تضعه في تابوت صغير وتُلقيه في النهر، ليلتقطه آل فرعون، ويتربى في قصر العدو الذي أراد قـ,ـتله، تحت رعاية امرأة فرعون الطيبة التي قالت:
“قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ، لَا تَقْتُلُوهُ”
(القصص: 9)
خروجه من مصر
كبر موسى وشبّ في قصر فرعون، لكنه كان يحمل قلبًا مؤمنًا لا يرضى بالظـ،،ـلم. وفي يوم من الأيام، قـ,ـتل رجلًا قبطيًا دفاعًا عن رجل من قومه، فاضطر للهـ،،ـروب من مصر إلى مدين.
وفي مدين، ساعد فتاتين في سقي الماء، فدعتاه للقاء أبيهما، النبي شعيب عليه السلام، الذي زوّجه إحدى ابنتيه، وطلب منه العمل عنده لعدة سنوات.
الرسالة الإلهية
بعد سنين من الاستقرار، وبينما كان موسى في طريقه مع أسرته، رأى نـ،،ـارًا على جبل الطور، فذهب نحوها، وهناك كلّمه الله لأول مرة، وقال له:
“إِنِّي أَنَا رَبُّكَ…”
(طه: 12)
وأمره بأن يذهب إلى فرعون ليبلغه رسالة التوحيد، ويطلب منه أن يترك بني إسرائيل أحرارًا.
المعجزات أمام فرعون
عندما وقف موسى أمام فرعون، طلب فرعون دليلًا على صدقه، فأيده الله بمعجزات عظيمة:
تحوّلت عصاه إلى حية تسعى.
يده خرجت بيضاء من غير سوء.
ثم جاءت معجزات أخرى مثل الجراد، الـ،،ـدم، الضفادع، وانشقاق البحر.
ورغم كل ذلك، استكبر فرعون، وكذّب موسى.
النجاة من فرعون
أمر الله موسى أن يخرج ببني إسرائيل، ولما لحق بهم فرعون وجنوده، شقّ الله البحر لموسى وقومه، فمرّوا بسلام، ثم أغرق الله فرعون بجبروته، ليكون عبرةً للعالمين.
“فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا…”
(الأعراف: 136)
كلام الله وتكليمه لموسى
من أعظم كرامات موسى أنه كلّمه الله مباشرةً، ولهذا يُلقب بـ كليم الله.
أوحى إليه التوراة، وأمره أن يهدي بني إسرائيل إلى طريق الحق، لكنهم كانوا كثيري الشكوى، وضعيفي الإيمان.
وفاته عليه السلام
توفي موسى عليه السلام بعد رحلة طويلة من الدعوة والجهاد والصبر، وقد مدحه الله في القرآن مرارًا، ورفع ذكره بين العالمين، ليبقى قدوة للصابرين، والناصحين، والمجاهدين في سبيل الله.
قصة موسى عليه السلام تحمل معاني عظيمة من الإيمان، الصبر، التوكل، مواجهة الظلم، والثقة بوعد الله.
هي ليست مجرد قصة تاريخية، بل درس متجدد لكل من يسير في طريق الحق، ويتوكل على الله