منوعات

احببتها في سري لأني متزوج.

 

انا متزوج  عمري الآن 45 سنة ولي ثلاث اطفال ولد وبنتين .. مستقر في حياتي زوجتي تحبني جدا وانا ايضا احبها واحترمها فهي من اخترتها لتكون شريكة حياتي وام اولادي..

حكايتي هذه او لنقل هي فضفضة ولا اطلب النقد او النصيحة بل انا اريد ان افرغ ما في قلبي فما يحدث معي فاق طاقتي.

احببتها بصدق .. متى وكيف ولماذا هي .. صدقا لا اعرف نعم والله لا اعرف… من تكون هذه التي احببتها ..

هي تكون فتاة عادية جدا محترمة جدا رسمت لنفسها حدودا وخطوطا لا يجرأ احد على تجاوزها .. نعمل معا في نفس المؤسسة .. كنت الاحظها من بعيد قليلة الكلام وان تكلمت اوجزت .. تعمل باتقان دقيقة في مواعديها محبوبة عند زميلاتها تتجنب الاحاديث التافهة وان تحدثت كان حديثها مهما وملفتا .. كنت الاحظها ولم اتعامل معها بحكم هي تعمل في قسم وانا في قسم آخر .. كانت تلفت انتباهي لكن لم اعرها اهتماما خاصة حين رأيت منها الجدية والالتزام فبقيت بعيدا عنها الى ان تعرفت على زوجتي وتزوجت واستقرت حياتي ولله الحمد والمنة.

لكن يشاء القدر ان ينتقل القسم الذي اعمل فيه الى فرع آخر وتم تحويلي الى القسم الذي تعمل فيه هذه الجوهرة فكان من الطبيعي اني سأتعامل معها .. كانت في البداية لا تعيرني اي انتباه فقررت ان استفزها وانا بطبعي كنت احب الضحك وتبادل النكات مع الزملاء لكن استفزازي لها جعلها تبتعد تماما مما اثار اندهاشي.. حتى اني اذكر في مرة كان لديها الكثير من العمل وبطريقة عفوية جاءت وطلبت مني المساعدة فكان ردي بالرفض نظرت لي بعيون دامعة وحملت ملفاتها وقالت شكرا.. الى هنا كل شيء عادي لكن تلك النظرة والدموع تتجمع داخلها زعزعتني فارسلت لها رئيس القسم ليطلب منها ان تسماحني واني كنت امزح معها فقط فأنا لم املك الشجاعة ان اذهب اليها وحين وصل الى مكتبها وجدها تعمل بجد لكن وهي تبكي فلما تكلم معها رئيس القسم ليطلب منها السماح طلبت منه ان يبلغني ان ابتعد عنها ولا اكلمها مجددا وانها هي التي تعتذر لانها طلبت مني المساعدة.

وبالفعل منذ ذاك اليوم اصبحت تعمل عملها الكثير لوحدها ولا تطلب المساعدة من احد حتى وهي على وشك الانهيار لكنها لا تنهار ..

الصراحة كانت عنيدة وصلبة وعزة نفسها تفوق همم الجبال هنا بدأت تلفت انتباه قلبي ومن دون ان الفت انتباه احد اصبحت ابحث عن اي شيء يجعلني اتقرب منها لكن عبثا كانت ردودها واضحة واجابتها مختصرة .. لست ادري ما المميز بها .. اعذروني انها مميزة في كل شي.. احترام المواطنين لها .. طيبة قلبها حب الاطفال لها وهي تلاعبهم وتبادلهم الضحكات وتروي لهم القصص الهادفة وتنصحهم وتلعب معهم انها طفلة مثلهم .. اصبحت اراقبها وانتظر اي لحظة لأراها وحين تغيب عن العمل لأي سبب اشعر ان المكان موحش.. كانت تملأ المؤسسة بالامل وتمنح الجميع الطاقة..

هذه المراة تكبرني بسنتين ولم تتزوج ولا اعرف ما قصتها ولا يعرف احد اسرارها فهي بئر عميق لا احد يفهمها .. استولت على تفكيري وعقلي وقلبي .. احيانا اذهب الى مكتبها لأختلق اي حديث معها لكن اتفاجأ بها تقرأ القرآن في وقت فراغها من العمل فأستحي منها واغادر فبعدما كنت اراقبها اصبحت اغض بصري عنها واغضب من كل شخص يلمحها .. الغيرة اصبحت تعميني .. نعم اغار عليها فكيف لا اغار وهي تحمل اجمل وجه واعذب ابتسامة واطيب قلب..

وفي يوم من الايام لم تاتي الى العمل وتفاجأنا جميعا باختفاء حاجاتها من مكتبها مكتبتها وكل كتبها مزهرياتها نباتاتها عَلمها كل شي اختفى لينزل الخبر الصاعقة انها قد استقالت ورحلت واختفت تماما.

الخبر صدمنا جميعا لماذا استقالت ولماذا رحلت وووووو الكثير من الاسئلة تتزاحم في رأسي اذكر يومها اني خرجت من العمل وركبت سيارتي وابتعدت ووجدت دموعي تنساب وانا اتخيلها انها تزوجت .. صرخت باعلى صوتي لمااااذا هي لما احببتها الآن وكانت امام ناظري طوال فترة العمل وقبل ان اتزوج … لما الآن تتسلل داخلي وتعبث بمشاعري .. زوجتي طيبة وتحبني فلماذا اظلمها لماذا احب غيرها ولما احب هذه الآن في هذا التوقيت .. بكيت كما لم ابكي في حياتي لا اعرف ان بكيت لانها رحلت ولن اراها ام بكيت لأني احبها بصدق هي تستحق الحب وكل التقدير والاحترام..

عدت الى منزلي وحاولت ان ابدو طبيعيا سألتني زوجتي عن حالي فاخترعت اي حجة فسكتت..

عدت الى العمل لكن بروتين ممل فانا لن اسمع صوتها وضحكاتها مع الاطفال ولن استطيع ان اختلس النظر وهي تسقي نباتاتها وتطعم قطط المؤسسة وتمسح على رؤوسهم ولن استمع الى جدالاتها مع المواطنين ولن انال حلوى صباح كل بداية شهر حين تستلم راتبها فهي توزع حبات حلوى كل عاشر من بداية الشهر فهي تقول ان الله يبارك في راتبها …

يا الله ان المؤسسة موحشة بدونها حتى القطط شعرت بغيابها …

وتمضي الايام واعود لحياتي مع زوجتي واولادي لكنها لم تغب لحظة عن بالي بل اصبحت اطلبها في صلاتي واصبحت اصلي قيام الليل لكي يجعلها الله من نصيبي وعاهدت الله اني اقبلها بعيوبها وحسناتها..

وتمضي الايام والسنوات بين العمل وواجبي تجاه عائلتي زوجتي واولادي لكن لم اتوقف يوما عن الدعاء بان تكون من نصيبي..

وبعد مرور عشر سنوات تفاجأت برجل يطلب مقابلتي في مكتبي بالعمل فاستقبلته وكانت المفاجأة اخبرني الرجل انه محامي الآنسة …. وما ان ذكر الاسم حتى تملكتني الدهشة فقد كان محامي محبوبتي الجوهرة .. سلمني بعض الاوراق وظرف مكتوب عليه خاص ثم استأذن وغادر .. ما ان غادر حتى اسرعت بغلق الباب وفتحت الظرف بسرعة لأعرف ماذا فيه فكانت الصدمة .. رسالة منها لي وكان هذا محتواها

 

“عزيزي …  اعتذر لاني بدات رسالتي هكذا لكن وانا على فراش المرض اردت ان اعترف لك بما لم استطع ان ابوح به طوال سنوات وكتمت مشاعري داخلي لكن لم اعد اقوى على كبتها اكثر فأنا لا اعرف متى يحين الوقت وارحل عن هذا العالم .. لا اعرف لماذا انت الذي اختاره قلبي لاقع في حبه لا تظن اني ملاك لا والله لي عيوب وذنوب لا تعد ولا تحصى واسأل الله ان يغفرها الله جميعا قبل ان القاه .. بدأ كل شي لحظة استفزازك لي حينها تمرد قلبي واعلن انك قد ملكته لماذا انت لا ادري صدقا لا ادري .. ففي المؤسسة يقولون عنك زير نساء فتجنبت التعامل معك لكني وقعت في حبك وحين حاولت المقاومة لم استطع فخفت على نفسي وعليك ورفضت ان اكون ظالمة لزوجتك فالظلم ظلمات يوم القيامة.. فتعلمت حرفة الخياطة واتقنتها وبدأت التركيز على مشروعي لابدأ رحلة العمل والاستقلالية وما ان استقر مشروعي ورأى النور قدمت استقالتي وجئت في نهاية الاسبوع مع اخي واخذت كل احتياجاتي واختفيت وهربت، نعم هربت من مشاعري .. نجحت في مشروعي وفتح الله لي ابوابه من واسعه واصبح لي منزل وسيارة والورشة اصبحت مصنع لافخم ملابس المحجبات والاطفال … لكن تشاء الاقدار ان اصاب بمرض اللوكيميا وهنا عرفت ان رسالتي بالحياة قد انتهت.. والوثائق التي ارسلتها مع المحامي هي وصية وعقد بيع لابنك او لنقل لابني الذي انت انجبته وانا احببته وطوال هذه السنوات حبي لك كان يكبر فحين يشتد بي الشوق اركب سيارتي وآتي لأراك من بعيد فكانت رؤيتك تريح لهيب الشوق بداخلي لكن ممنوع ان التقي بك .. وكل املاكي ستنتقل اليه قنونيا ولا يمكن لأحد من افراد عائلتي ان يعترضو فهذا قراري وكل شي قانوني..

قبل ان اختم رسالتي لي طلب أخير اريد ان اراك مع عائلتك واحضر معك زوجتك واولادك ولا تنسى ابني البكر اكيد. مع حبي.

العنوان اسفل الرسالة.”

اعدت قراءة الرسالة بدل المرة عشرات المرات وانا ابكي حتى صرخت لمااااااذا..

دخل عليا زميل لي في العمل على صوت صراخي وتفاجأ حين وجد الدموع تغرق وجهي وهو مندهش فما كان مني الا وان اخبرته بكل شيء.. لم يقل شيئا فقط ضمني اليه وبكى وقال لا تتركها تموت هي تحتاجك.

حملت الاوراق والرسالة وخرجت من المكتب واتصلت بزوجتي وطلبت منها ان تستأذن من دوامها لاني احتاجها فانا حقا لست بخير فالمراة التي كتمت حبها في داخلي كانت تحبني اكثر ما كنت احبها فقد ضحت بنفسها وعملها وكل شي حتى لا تفسد حياتي..

ذهبت الى زوجتي في مقر عملها واخذتها بعيدا عن اي ازعاج اريد مكان هاديء طوال الطريق كنت الزم الصمت وهي احترمت صمتي.. حين وصلنا الى مكان هاديء اوقفت السيارة ودون ان اعلم انسابت دموعي امامها فاخرجت الوثائق وقدمتها لها بدأت تقرا وهي لا تفهم شيئا سلمتها الرسالة وطلبت منها ان تقرأها .. كنت ارتجف وخائف من رد فعلها فجأة ضمتني اليها وبكت فبكيت انا اكثر .. امسكت بوجهي وسألتني سؤالا صريحا هل احببتها؟؟  فهززت رأسي بنعم .. وهل تعلم ؟؟ فقلت لا احد يعلم الا الله.. ضمتني اليها وقالت: دعنا نجهز الاطفال ونذهب الى زيارتها..  فاجأتني زوجتي بطلبها وانا الذي كنت مرتعبا من رد فعلها .. عدنا الى المنزل واتصلت بالمحامي الذي كان رقمه مسجل في الوثائق وطلبت منه ان يحدد لنا موعدا مع حبيبة قلبي ورفيقتي بالجنة.. جهزت زوجتي اطفالي الثلاث فقد رزقت بطفلة اخرى بعد رحيلها..

بعد ثلاثة ايام جاءني اتصال من المحامي يحدد معي الموعد معها .. الصراحة قلبي يكاد ينخلع من مكانه هي عشر سنوات وكلانا قد تغير اكيد فانا قد غزى الشيب رأسي وهناك تجاعيد حول عيوني يا ترى كيف سيكون شكلها اكيد ان المرض قد تمكن منها.. وصلنا الى منزلها الصغير لكنه جميل جدا فهو يتوسط حديقة صغيرة مليئة بكل انواع الورد وفي الزاوية كانت هناك ارجوحة وبجانبها طاولة وكتاب ونظارة .. كنت امسك بيد ابني البكر وزوجتي بيد البنتين دخل المحامي فخرجت الينا مرتدية ملابس بيضاء فضفاضة مع خمار ابيض ويشع منها النور اقتربت منها زوجتي بعدما تركت يدي البنتن وتأملتها واحتضنتها .. بعدها اقتربت منها مع الاولاد .. اقتربت منهم وقبلتهم وضمت ابني البكر اليها وانسابت دموعها دعتنا بالدخول الى داخل منزلها الذي كان بسيط جدا ومرييح جدا.. لم اعرف بما ساتحدث لكن زوجتي استأذنت منها وخرجت الى الحديقة مع الاولاد رفعت رأسها ولاول مرة لا تشيح ببصرها عني وطلبت من ان اسامحها على كل شيء..

 

اردت ان امسك يدها في تلك اللحظة لكن تماسكت وسألتها سؤال واحد: لماذا رحلتي وتركتني؟؟ لماذا لم تقاومي فربما كنا سنجتمع معا .. نظرت لي وابتسمت وقالت نعم سنجتمع لكن في ايامي المتبقية من عمري .. اسرعت بالرد وقلت بل ستعيشين وستفرحين بابنك وتختارين له عروسه … ستكون عروسه جميلة جدا فهو ابني ويستحق اجمل عروس..

نظرنا لبعض مطولا وقالت عيوننا ما لم نقله لسنوات.. فجأة طلبت مني ان استدعي زوجتي فهي تريد ان تطلب منها امرا .. وقفت وخرجت وناديت زوجتي وتركت الاطفال مع المحامي والممرضة التي تعتني بها.. كانت تبدو عليها آثار التعب لكنها ما زالت جميلة وتحتفظ بابتسامتها العذبة. اجلست زوجتي بجانبها وامسكت بيدها وقبلتها وقالت : اعلم ان ما سأطلبه غريب جدا لكن انا استأذن منك ان تسمحي لزوجك ان يعقد قرانه بي لأصبح زوجته قبل ان ارحل عن هذه الحياة .. سامحيني ان اذيتك دون قصد مني .. احببته فوق طاقتي لكن اريده رفيقا لي في الجنة فهل يمكنك تحقيق آخر امنية لي في الحياة؟؟

التفتت زوجتي لي التي وجدتني مدهوشا من طلب محبوبتي.. اقتربت زوجتي من محبوبتي وقبلتها من جبينها وقالت انا سأكون سعيدة ان اجمع قلبين ضحا بقلبيهما في سبيل سعادتي..

التفتت لي وقالت الوقت ليس في صالحنا سنحدد موعد عقد القران في اقرب فرصة..

فعلا تم كل شي بسرعة وتزوجت محبوبتي بمباركة زوجتي .. لكن ما ان تم اعلان زواجنا حتى ساءت حالها فاسرعنا بها الى المستشفى ودخلت غرفة الانعاش اقتربت منها وقبلت جبينها وانا ابكي همست في اذني وقالت لا تبكي سأنتظرك في الجنة في الفردوس الاعلى.. رفعت بصرها وابتسمت ونطقت الشهادة ورحلت.. نعم رحلت وتركتني في لحظات … فبعد ان وجدتها خسرتها الى الابد

انا لم اخسرها هي تنتظرني في الجنة.. سأفعل كل ما يرضي رب ليجمعني بها هناك..

هي الآن تحت التراب ولكن ذكراها ستبقى في قلبي الى ان القاها.

 

….حدثت  بالفعل …….

من بريد ريم السيد

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
14

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل